الأخبار

همس الحروف.. قراءة من وحي الإحتفال بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية الأولى (1727) بقلم: الباقر عبد القيوم علي

تظل المملكة العربية السعودية مصدر فخر لنا بصدارتها للقيادة الروحية للعالم العربي و الإسلامي لكونها مهبط الوحي و قبلة كل المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ، و هذا ما يعطي المملكة الحق لتكون من أعظم القوى الأساسية في الإقليم ذات الثأثير الإيجابي من منطلق أنها ثمثل قيادة العالم الإسلامي و العربي الدينية و الروحية كما أسلفنا ، و حيث نجدها على مستوى القيادة و الشعب قد تشربوا بالحكمة التى توارثوها أباً عن جد من الأجيال السابقة و التي كانت تمثل أس الحكمة في جزيرة العرب أنذاك ، فأصبحت تمثل ثقلاً سياسياً علاوة على أنها من أقوى أذرع الإقتصاد على المستوى العالمي ، و لهذا نجد أنها بكل جدارة أصبحت محط أنظار المجتمع الدولي على الصعيدين السياسي و الإقتصادي و تستطيع بهما أن ترجح بكفتي ميزان السياسات الدولية لكونها تمثل دوراً محورياً على صعيد المؤشرات الاقتصادية العالمية لأهميتها كدولة مانحة .

لقد دأب كل قادة المملكة عبر تاريخهم الممتد في السعي الحثيث لتطوير المملكة على كافة الأصعدة ، و ها هي نسير بذات القدرة في أمر التقدم بالبلاد خطوات نحو المستقبل المشرق و التي نراها أمامنا اليوم تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، و ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله تعالى ورعاهما. إلا أن الأمر في هذه المرة قد بات أستثنائياً و مختلفاً تماماً عن ما سبق ، فكان أمر التطوير في هذه المرحلة برؤية رجل إستثنائي و صاحب نظرة بعيدة ، فهو رجل مؤثر بكل المقاييس ، فإستطاع أن يجمع ما بين الحفاظ على الموروثات و الأصالة و التقدم بالمملكة و إنسانها نحو الحداثة و الإنعتاق من الدوائر المغلقة إلى باحات أوسع تحتفظ بالأصول القديمة ، و هي تنطلق في ذات الأثناء بفهم معتدل يقع بين قوسي (لا إفراط و لا تفريط) ، و لهذا كان سمو ولي العهد من الشخصيات ذات الحضور المؤثر داخل المملكة ، والأقليم و العالم ، لأنه يمتلك القدرة الكافية لصناعة و هندسة السياسات بكل جرأة و إبداع وفق دراسات متأنية ، ، فحمل إلى شعبه رؤية جديدة ستسهم إسهاماً جباراً في إحراز تقدم على كافة الأصعدة ، بما يعنيه ذلك من تأثير إيجابي ملحوظ كان هدفه الإنسان قبل المكان عبر رؤية معتدلة وفق منهج يرسم ملامح مستقبل مشرق يستبق نمطية الواقع بجرأة عبر مبادرات سياسية بفهم آخر ، و أخرى إقتصادية تبحث عن التنوع عبر تسخير كافة إمكانيات المملكة ، و أيضاً كانت هنالك مبادرات إجتماعية إستهدفت الكادر البشري السعودي و وسعت دائرة المشاركة بالنسبة للمرأة بصورة كانت فوق التصور ، فإستفادت من إمكانيات المرأة و عززت مكانتها بصورة فعالة في المجتمع السعودي.

لقد ظل ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان يؤسس لفكرة الإعتدال و الوسطية المنعتقة من التزمت و الأفكار المتشددة و ذلك من خلال التجارب و بالملاحظات و نتائج ما قام به الآخرين من الذين سبقوا على المستويين السلبي و الإيجابي في الممارسة ، و لهذا و بعد التمعن و السعي الدؤوب في نتائج التحقيق من كل هذه التجارب كان لابد من المضي قدماً في تأسيس دولة عادية ، وسطية ، محافظة ، لها مورثاتها الدينية السمحاء بعيداً عن التطرف و الغلو ، و بالإتساق مع التراث السعودي و الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم الحديث و الذي يحترم جميع الأديان و تقاليد و أعراف كل شعوب العالم ، و ذلك وفق لما ورد نصه بسورة (الكافرون) التي كانت إعلاناً صريحاً يعد خارطة طريق للإسلام الوسطي الذي يجعل من حياة المواطن السعودي حياة طبيعية متناغمة مع سماحة حنيفية الدين المتمسكة بأنبل العادات و التقاليد الموروثة من الأجداد .

و أجد من الذكاء بمكان أن يسعى سمو ولي العهد لاسترجاع ذاكرة التأريخ ثلاثة قرون مضت منذ العام (1727م) و التي شهدت تأسيس الدولة السعودية الأولي المعتدلة على يد الإمام محمد بن سعود و التي كانت عاصمتها الدرعية ، و دستورها مأخوذ من القرآن الكريم و سنة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم السمحاء و التي كانت تحمل الوسطية بدون تشدد ، و كان لابد من قراءة كل ذلك مع اصطحاب ما تحمله تلك الفكرة من دلالات مهمة كانت و ما زالت تقف شاهداً على سماحة الإسلام الوسطي و ما يحمله ذلك التاريخ من عبر ومواقف دونها لهم التأريخ في صفحاته بأحرف من ذهب

تظل رؤية صاحب السمو ولي العهد نقطة تحول عظيمة تتسق و متطلبات المرحلة و تتوافق مع حاجة المواطنين السعوديين لمثل هذه الخطوات و السياسات التي ستعيد لهم التوازن النفسي و الإطمئنان على جميع الأصعدة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية والتي توعد بمستقبل مشرق نسأل الله أن يعينهم و يسدد رميهم و هم يرسمون ملامح مملكتهم بكل إحترافية و إقتدار .. و سيروا إلى الامام و عين الله ترعاكم و لا تلفتوا إلى المخذلين أبداً .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *