زيارة خاصة لأسرة شهيد جامعة زالنجي.. حكاوي حزينة على لسان والديه.. وروايات اللحظات الأخيرة
زالنجي /الخرطوم ـــ عزة برس
والدة عز الدين تحكي تفاصيل اخر مكالمة قبل ان تفقد وعيها عند سماع نبا قتله
الوالد: بعد التشييع والعزاء لم تتحرك اي اجراءات قانونية وليس بيدنا ما نفعله الا ان نحتسب
الشهيد الطالب عزالدين عمر موسى الذي أصابته نيران الأجهزة الأمنية في الساحة الشعبية بزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور إثر احتجاجات قام بها الطلاب مناديين بتوفير احتياجات أساسية تضمن لهم استمرار دراستهم بدأت الانطلاقة من مقرهم الجديد “يوناميد”صباح الثلاثاء 31 اغسطس الماضي بصورة سلمية وصلوا بها إلى مقر أمانة الحكومة لتوصيل رسالتهم لأعلى رأس في حكومة الولاية هو الوالي، ليجدوا منه الحل السريع.. ولكن حدث مالا يحمد عقباه ضرب وقتل وحرق ومواجهة بأسلحة ثقيلة راح ضحيتها عزالدين بإصابة في الرأس فارق علي إثرها الحياة وجرح أكثر من خمس آخرين .
في منزل متواضع باحد المعسكرات والشمس تتسرب بين اكوام القش التى صنعوا منها مقرا لاقامتهم لتضرب اجسادنا، جلسنا هناك في المنزل الذي لا يقوى حتى على منع ضوء الشمس من التسرب جلسنا مع والدي عزالدين لمعرفة تفاصيل ذلك اليوم الذي يعد فاجعة لأمه ولأبيه الذي وصل بعد غيبة الي المدينة صباح الاثنين ليتلقى خبر وفاة ابنه في اليوم الثاني مباشرة.
فاختلطت عليه مشاعر الفرح بالعودة الى الاسرة بعد انقطاع مشاعر الحزن والأسى علي فقدان ابنه الذي يعد بمثابة اخ وابن في ذات الوقت وهو الابن الأكبر لزوجته الثانية .
*اولآ نتقدم لكم باحر التعازي في فقدكم أخبرنا عن ذاك اليوم*؟
الاب : كنت في الخرطوم منذ وقت طويل بعيدا عن زالنجي قررت العودة تحركت يوم الاربعاء من الخرطوم وصلت السبت نيالا قلت اقعد الاحد اشتري لأولادي هدايا وفعلآ اشتريتها واتحركت صباح الاثنين لزالنجي وصلت مباشرة لبيتي. وكان عز الدين يرافق أمه في الزراعة التي تبعد من زالنجي مسافة فوصل مساء الاثنين ليباشر جامعته في يوم الثلاثاء في الصباح صنعت أمه الشاي كما العادة شرب نصف كباية وترك الباقي بحجة أنه تأخر عن محاضراته وذهب بكل بشاشة بطبيعته المعهودة ونحن كل منا ذهب إلي أشغاله .
بعد ساعة من خروجه سمعنا اصوات زخيرة تساءلنا.. ماذا هناك، قالوا لنا أن طلاب الجامعة قاموا بمظاهرة والأجهزة الأمنية تريد فضها فورآ ضربت لابني رد لي قائلآ انا بخير أبي ونحن الآن متجهين الي امانة الحكومة لتوصيل مطالبنا للوالي وأخبر امي الا تقلق انا حينها قلت له دع كل هذا وعد الي البيت فرد قائلآ حاضر يا ابي .
في تلك الساعة انا كنت خارج المنزل عد الي المنزل لاخبر والدته بأنه بخير لكن لم اجدها واخبروني بناتها الصغار بأنها ذهبت الي الساحة الشعبية لترجع ابنها فعاودت الاتصال مرة أخري بابني عزالدين فلم يجب انتظرت قليلآ اتصل علي زميله قائلآ انت والد عزالدين قلت نعم قال لي ابنك الان اصيب بطلق ناري ولكن توفي علي الفور والآن تم نقله إلي مستشفى زالنجي …انقطع حديثنا بسبب بكاء الوالد فخنقته العبرة .
*ماذا بعد سماع الخبر*؟
الوالد: انهارت قواي ولم اعد افهم شئ مابين مصدق وغير مصدق اتصلت على خاله وكان موجودا جوار المستشفى فذهب علي الفور الي المشرحة فوجده هو نفسه عزالدين مصاب بطلق في الرأس، واضأف قائلآ “توكلت على الله ورضيت بقضاء الله ومافي يدنا حاجة نعملها تاني غير نصبر ونحتسب ولد وفقدناه ”
*حدثنا عن عزالدين طباعه وأسلوب حياته داخل البيت*
الوالد : عزالدين دون اولادي الباقين ولد خدوم ومطيع وهميم بكل مايدور في تفاصيل البيت زي ماقلت ليك قبل مايستشهد كان مع أمه في معسكر الزراعة ليهم ثلاث ايام وكان حريص انو كل نهاية اسبوع يذهب ليساعد أمه في الزراعة فضلآ عن اي شئ طلبوه منه بدون تردد ينفذه وبكل رضا كان حقا ابن بار واي زول في معسكرنا دا يعرفه بطيب خصاله واحترامه ذي مابقولو يا بتي الطيبين أيامهم قلال في الدنيا.
*هل أحسست بشئ غير طبيعي سيحدث صباح ذلك اليوم*
الوالد : لا كنت اراقب فقط تفاصيل الصباح مع أبنائي لاني لي مدة غائب عنهم حتى الآن متذكر ذاك الصباح وعزالدين يستعد للذهاب الي كليته وكان مسرعا، شرب نصف كباية الشاي وترك الباقي .
*الإجراءات التي تمت بعد تأكيد وفاة ابنكم*؟
الوالد : عملنا إجراءات رسمية وكانت بحضور إدارة الجامعة ووقعنا علي الأقوال وخلاص حتى الآن لم نفعل شئ جينا سترنا ولدنا وتلقينا العزاء وحتي الآن لم يتحرك اي موضوع او إجراء مافي يدنا شئ نعمله الآن غير الصبر والاحتساب.
*كلمة أخيرة*؟
الوالد : الطلاب ذنبهم شنو يضربوهم بالرصاص الحي مفترض الحكومة تستخدم اي طريقة لفضهم دون قتلهم وتعويقهم .
ورسالتي لمواطن الولاية ولأصحاب المصالح من أعمال التخريب لا تستخدموا الطلاب البريئين لتنفيذ اجندتكم لأنهم حقآ حقوقهم مشروعة وطريقة مطالبتهم سلمية لولا تدخل بعض هؤلاء لما قتل ابني ولا آخرين .
*هذا ما قاله والد عزالدين العم عمر موسي وقفنا ايضآ مع والدته سعدية ادم عبدالرحمن التي انهكها الحزن علي ابنها فلم تستطع قول شئ غير القليل من الكلمات لوصف يوم استشهاد ابنها.
* كيف اسنقبلتي خبر مقتل عز الدين؟*
الام : عندما سمعت بصوت ضرب النار دون ما اعرف الحاصل ذهبت لإعادة ابني الي المنزل لكي لا يتأذى وصلت مقر الحادث بوابة أمانة الحكومة طلبت من أحد الطلاب الاتصال بعزالدين كنت احفظ رقمه اتصلنا به وسألته اين أنت قال لي أنا بخير يا أمي قلت له أنا في انتظارك جوار بوابة الجامعة وبعد فصل المكالمة بدقائق اسمع اصوات الطلاب “قتلوا زول “حينها بدأت أسأل من الذي قتل.. قالوا طالب يدعي عزالدين عمر موسى واين هو وصلنا مقر الإصابة فوجدته نقل الي المستشفى وهرولت الي المستشفى وصلت فوجدته هو وحينها غبت عن الوعي ولم أراه مرة ثانية حتى الآن .
الام لم تستطع الحديث عن ابنها فأكتفت ببعض الكلمات لوصف ملامح ذاك اليوم الذي يعد بمثابة فاجعة لها وللاسرة لأنهم كان سيحتفلون به بعد أشهر قليلة بتخريجه من كلية علوم الحاسوب بجامعة زالنجي ولكن تلاشت كل هذه الأحلام عند سماعهم خبر وفاته التي قسمت ظهر والديه.