كيف لا أعشق جمالك.. عند بحيرة تانا هلال الأمجاد يعود إلي حضن الجذور( الزرقاء) بقلم عزيز الخير
عندما يعانق هلال الملايين مضارب الأمهره ومنابع أحد اللونين الأروعين. كتب د. حسن علي عيسي أبدأ بتحديد وتعريف المخاطب المقصود بسؤال البديهة والفطرة ( كيف لا أعشق هلالك؟).
وأجيب دون كبير عناء أن المقصود هو الهلالي الخالص ( ياباني) الإنتماء الذي يمن وجهه شطر مضارب بني هلال مدفوعًا بفطرته السليمة وسجيته النقيه ذاك الانسان المسكون بالفن والإبداع والباحث عن الجمال والتفرد فكان انحيازه للونين الاروعين انحيازًا منطقياً وأصيلا.
أخاطب الذين لا يملكون في هذه الفانية إلا الهلال العظيم وعشقه اللا متناهي ،فصار بالنسبة لهم ( إسبلت) التبريد والتكييف في صيف الأيام والسنين وحره الغائظ والمدفأة التي تقيهم وأسرهم زمهرير الشتاء. يبرمجون حياتهم علي انتصاراته وأمجاده ويرون فيها سداد مصاريف مدارس أبنائهم وبناتهم في زمان صارت فيه المدرسة ومنصرفاتها أشبه ما تكون (بالمولات والبقالات) مع الفوارق الواضحة في الأهداف والمضمون. الهلال بالنسبة لهؤلاء الغبش الأنقياء الأتقياء هو الدار والولد وهو الذي يغزل لهم مناديل الفرح التي يكفكفون بها دموع هذا الزمان العبوس القمطرير كما تلك الحبيبه التي تشتغل منديل حرير لحبيب بعيد. يبدع الغربال و روفا وصلاح عادل ويدلقون فنهم الراقي الأصيل علي الملاعب الخضراء فتكثر آهات الأحباب والأنصار وأثناء تمايلهم طربا مع سيمفونيات الغر الميامين تتساقط حبات الملاريا خارجة من جسد البعض ويعود البنكرياس للعمل فتقل وتختفي أمراض السكر ويعودون إلي أسرهم علي صهوات جياد انتصارات وإبداعات الهلال وبعضهم لا يملك من حطام الدنيا إلا الشرف الباذخ بالإنتماء لهلال السعد والإسعاد داني القطوف.
يعودون إلي منازلهم وكأنهم قد حملوا في أكفهم فاكهة من نوع لا عين رأت ولا أذن قصدت من هذه المقدمة أن الهلالي مهما إعتقد انه( رمز وكبير) فإن الرمزية الحقه والكبر الأصيل يكمنان في هذه الوجوه المستبشرة التي اختارت( سدانة المعبد الأزرق) دون أن تربطها صلة قربي أو جيرة او قبلية أو جهوية مع صناع القرار في الهلال على مر الأزمان وليس لهم مصلحة عمل أو راتب أو وظيفة مع هؤلاء الكبار حتي ينحازوا لأحدهم علي حساب الآخرين. فالهلال هو الذي يعطي الناس القيمة والمكانة ويعطي الأشياء ألقها وبريقها والجميع مدين للهلال والهلال ليس مدينا لأحد . ما أحوجنا الان إلي عادة نظر في مصطلحاتنا التي يستخدمها البعض دون تفكير في مضمونها. فتعبير كبار الهلال يعني أن بالهلال صغار وهذا تمييز مخل ويقدح في انتماء بسطاء يقاس حبهم وعشقهم للهلال بمقياس ريختر للزلازل.
لقد سعدت كثيرا عبر الحقب الإدارية المختلفة بالجلوس إلى رجال أخيارهم بالفعل كبار قدر ومقام وتعلمت منهم الكثير،لكنني أعترض فقط على المصطلحين المستخدمين وهما مصطلحا كبار ورموز،وهذان المصطلحان
يليقان أيضا ببسطاء لم تكتحل أعينهم بالقاعات الفاخره ولم تنداح على أعناقهم المشرئبة وفاء للهلال(شالات) لندن ودبي ولم يجلسوا على عجلات قيادة البرادو واللكزس والانفينتي والكامري. هذه دعوه لاختيار مصطلحات تعطي الكبار والرموز حقهم ولا تحدث تمييزاً سالباًلأهلة لا يظهرون ولا يتحدثون كثيرا وإن فعلوا لوقف المنطق والوفاء إحتراما وتقديرا لهم. أعود فأقول أن علاقة الهلال الذي زين سماء بحيرة بحر دار المدينة والبحيرة بمنابع النيل الأزرق علاقة عضوية يجهلها الكثيرون، ففي بحر دار التي تقع في هضاب أثيوبيا الشمالية الغربية توجد بحيرة تانا وهي منبع( النيل الأزرق)،فالزرقة البهية والمحببة الي النفس منبعها بحيرة تانا التي تبقي شامة علي خد إقليم الأمهرة الأثيوبي منبع ومصدر الجمال الطبيعي والبشري الذي زين سحنات معظم الأثيوبين ويقول المؤرخون وعلماء الأجناس ان هذا الجمال قد إمتد ليبقي تيجانا علي رؤوس البعض في روندا والسنغال بسبب التداخل العرقي القديم.
لقد طفت بالكثير من محطات العمل الأفريقية إلا أن بحر دار بزرقة نيلها وروعة منبعه تبقي زينة هذه المحطات.
أذكر أنه في أحد أيام الجمعه وعند إستراحة الصلاة ذهبت ومعي عددمن المترجمين المسلمين نبحث عن مكان لأداء الصلاة. وكان فخري عظيماً وسعادتي غامره عندما وجدت صرحاً إسلامياً مهيباً يحمل إسم والدة الأخ الكريم الدكتور أشرف سيداحمد الكاردينال رحمها الله وغفر لها. . شعرت بعظمة الإنتماء للسودان وأنا أقول لزملائي أن هذا الصرح شيده رجل سوداني خالص وصادق الانتماء. فالمبني الضخم عباره عن مسجد وبداخله عدد من الغرف التي يسكنها أطفال أثيوبيون يشرف علي إطعامهم و تحفيظهم القرآن وعلومه عدد من الشيوخ الراسخين في العلم ،وهكذا زاد ارتفاع الزرقة في دمي. ما أروع إطلالة الهلال علي أكبر منابع الزرقة المحببة إلى الأنفس. فمن بحر دار يخرج نهر النيل منسابا كإنسباب تمريرات عبد الرؤوف وبوغبا وصلاح عادل حتي يعانق الأبيض الناصع عند مقرن النيلين. لقد اكرم الله هلال الملايين حتي بارتباط إسمه ولونيه الاروعين بظواهر تصنع الحياة. فالهلال ومبدعوه وجماهيره هم بالفعل من صناع حياة أهل السودان. ومن هنا أستميح الأحباب الأساتذة كتاب الهلال عذرًا بان أرجوهم الإبتعاد عن إستخدام مصطلحات الدمار والموت عندما يتعلق الأمر بإشراقات صناع الحياة، فوالله لم يستهويني أبداً أن يطلق لقب (المقبرة )على جوهرة الجواهر ولا أفهم بعض العناوين عند انتصارات الهلال علي شاكلة ( الهلال يصقع والهلال يدمر والهلال يزلزل والهلال ينسف )هذه مصطلحات خراب ودمار لا تليق بالذين إستحدثوا فن العلاج بالتطريب الكروي.
أسأل الله أن يرعي هلال الجمال حيثما سار وحل، ويابخت منابع النيل الازرق بالكيان الذي جعل الزرقة شعارًا وحبا تخفق به قلوب الأغلبية الساحقة من أهل السودان.
اللهم اكرم الهلال بانتصار يساعد علي سهولة إنسياب وتدفق الأزرق من منابع ( تانا) ليعانق توأمه الأبيض عند مشارف العاصمة الوطنية فيكتمل هلال السعد بدرا.