تحقيقات وتقارير

تقرير : حدود السودان وجنوب السودان، نزاع قديم و ملفات شائكة

بقلم : بدرالدين خلف الله. تعمل اللجنة الفنية المشتركة لترسيم الحدود بين السودان وجنوب السودان لتسوية أزمة الحدود بين البلدين حيث يتنازعان حول تبعية خمس مناطق حدودية ” المقينص وحفرة النحاس وكافي كنجي ودبة الفخار وكاكا، بجانب نزاعهما الأكبر حول منطقة ابيي الغنية بالنفط، والتي اتخذت وضعية خاصة بعد اشتباكات دامية بعد الانفصال، وتدار حالياً عبر لجنة إشرافية مشتركة، تحت حماية قوات يونسفيا التابعة للاتحاد الأفريقي.

وتشهد مناطق النزاع تداخلاً كبيراً بين السكان و يقدر عدد السكان بـ 10 ملايين نسمة. وشكل التداخل بين قبائل البلدين في تلك المناطق الحدودية صراعاً حاداً حول الموارد ينشأ أحياناً كنزاع حول الأرض والمرعى ويقود إلى توترات واشتباكات مسلحة، كما تعتبر الحدود بين السودان وجنوب السودان الأطول مقارنة بالدول المجاورة والمحيطة.

حدود مرنة

وبحسب مفوضية الحدود المشتركة فإنها انجزت مهام كثيرة منها تجاوز قضية تبادل الوثائق والمستندات التي كانت تمثل عقبة أمام ترسيم الحدود وأمام عمل المفوضية. وبعد التقارب الكبير في علاقات البلدين مؤخراً لاسيما بعد سقوط نظام المعزول عمر البشير يحاول مسؤولي البلدين جعل حدود البلدين حدود مرنة تسهم في التبادل التجاري والاجتماعي مما يسهل التعاون في القضايا الأخرى مثل النفط والتجارة.

الباحث في علاقات السودان وجنوب السودان إسحق إدريس

خطوة مهمة

يصف الباحث في علاقات السودان وجنوب السودان إسحق إدريس ترسيم الحدود بين السودان وجنوب السودان بالمهم في ظل توترات عسكرية سابقة تنشأ بين الحين والآخر حول منطقة ابيي. ويشير في حديثه لموقع “أفريقيا برس” إلى الصراع القديم المتجدد بين قبيلتي المسيرية والدينكا والذي من شأنه أن يزعزع استقرار البلدين. ولفت إلى سعي قادة دولة جنوب السودان للتباحث مع حكومة الفترة الإنتقالية في السودان لإيجاد حلول حول تبعية المناطق محل النزاع مع ضرورة ترسيمها بما يحقق مصالح البلدين. وبحسب إدريس فإن السودان وجنوب السودان لديهم الكثير من الاتفاقات الاقتصادية المشتركة بجانب اتفاقات النفط والتجارة.


ملف شائك

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عمار العركي

ويذهب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عمار العركي إلى أن ملف الحدود بين السودان وجنوب السودان ملف شائك ومعقد واستبعد أن يتم الاتفاق حوله. وقال العركي لموقع “أفريقيا برس” إن جنوب السودان ظل يماطل في التسوية السلمية لحل الأزمة الحدودية لجهة أن أي تسوية لن تكون في مصلحته باعتبار أن كافة المناطق المتنازع أو المتفق عليها تقع تحت سيطرة قبائل مستفيدة ونافذة في السلطة بحسب وصفه. و اعتبر نفوذ بعض السلاطين والملوك والقبائل يحول دون ارغام الحكومة لاخضاعهم لأي تسوية يتم الاتفاق عليها بين البلدين. ويشير العركي إلى عدة تحديات تواجهها حكومة السودان منها ما يتعلق بغياب الخطط الاستراتيجية والنظرة المستقبلية للتعامل مع قضية ترسيم الحدود.

تبادل تجاري

ويعتمد الجزء الشمالي من دولة جنوب السودان على التجارة الحدودية مع السودان، لا سيما أن دولة جنوب السودان مغلقة بلا سواحل بحرية، وتعتمد في تجارتها الدولية على الموانئ السودانية، وموانئ دول شرق أفريقيا، في حين ينقل نفط جنوب السودان عبر أنابيب النفط السودانية إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.

ومنذ انفصال دولة جنوب السودان عن السودان عام 2011، لم يفلح البلدان في الاتفاق على ترسيم الحدود المشتركة، ودارت نزاعات مسلحة بين الدولتين، واتخذ الاتحاد الأفريقي قراراً قضى بتحديد منطقة آمنة محايدة منزوعة السلاح بعمق 10 كيلومترات على طرفي الحدود.

وتوافق البلدان أخيراً على ترسيم الحدود بينهما في أكتوبر 2019 بعد سقوط حكومة المعزول عمر البشير في أبريل 2019 عبر ثورة شعبية أطاحت به.

وتقود دولة جنوب السودان جهود الوساطة بين الحكومة السودانية وحركات الكفاح المسلح، وفي الثالث من أكتوبر الماضي وقع الأطراف على اتفاق السلام الذي عرف باتفاق جوبا ولازالت محادثات الأطراف السودانية مستمرة في العاصمة جوبا لاستكمال عمليات السلام الذي من شأنه أن يسهم أيضاً في استقرار جنوب السودان.

نقلا عن “أفريقيا برس”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!