المقالات

همس الحروف.. سلسلة إتفضل .. من غير مطرود بقلم : الباقر عبد القيوم على

 

الحلقة الثانية 6/2

الباحثون عن المجد الزائف وخصوصاً أصحاب ربطات الأعناق و مرتدي البدل السوداء و الزرقاء من صغار موظفي هذه الباحات السيادية التي توحي إليهم هيبة المكان بأنهم يمتلكون الدنيا بما فيها ، فنجدهم في قصة بحثهم عن تحقيق ذاتهم المسلوبة و نفختهم الكذابة يقومون بإجتهادات كثيرة يحاولون بها إثبات وجودهم و يخلقون ضجيجاً ناعماً و صامتاً مستمد من قوة الكراسي التي تحميهم في أمكان ينعدم فيها التخاطب و التجاوب معهم من قبل مديري هذه الأماكن الراقية ، كما في المقابر حيث تنعدم الحياة إلا من الزائرين الذين تشغلهم هيبة المكان وحرقة فراق من يحبون من الأهل و الأصدقاء عن التجاوب مع كل الحركات التي تصدر حولهم وإن كانت صاخبة ، و هذا بالضبط ما يقوم به بعض صغار الموظفين ، فنجد بعضهم في هذا المكان الذي حدثتكم عنه في الحلقة السابقة من سلسلة إتفضل من غير مطرود ، يتطاولون بمد أنوفهم في ما لا يعنيهم و ينصبون انفسهم كحلقات وصل بين الزائرين و المدراء التنفيذيين لمكاتب الدستوريين ، فنجدهم يقومون بأفعال قد تكون في أغلب الأحيان خارجة عن النص و بدون تكليف من أحد ، هكذا يفعلونها بدون إكتراث ، فيكون أمرهم كأمر المجتهد الذي يبحث عن الأجر بزيادة ركعة في فرض الصلاة فيبطلون بذلك كل ما قاموا به من عمل تعبدي .

و بهذه الأفعال يريد هؤلاء الصغار أن يكبروا على أكتاف الناس عن طريق تغيير نمطية مفهوم القيمة التي يتم بها تقييس انفسهم امام من يطرق باب هذه المكاتب من عموم الناس ، و ذلك عن طريق لبس قناع غير حقيقي يوهمون به أنفسهم قبل الآخرين ، فيتبعون كل الوسائل القذرة مثل سلوك العنترية المصطنعة و التعويق المتعمد و العرقلة الخفية لأنهم عديمي المهنية و فاقدي الوطنية حيث يتم ذلك تحت أمارة أنهم عبيد المأمور الذي يكون مشغولاّ عنهم بهموم كبيرة ، و حيث تمثل أفعالهم خيانة لأمانة التكليف ولهذا فإنهم لا يستحقون هذه المقاعد الوثيرة التي خصصت لهم ، وذلك لان لديهم مركب نقص حاد و خصوصاّ عند المرضى منهم الذين ترتفع عندهم نسبة الجهل في طرق ممارسة الحياة و التعامل مع الآخرين ، فهم قطعاّ يحملون مؤهل دراسي ، و لكنه لن يرفع عنهم الجهل أبداً عبر التحصيل الأكاديمي مهما نهلوا من بحره لانهم يعانون من داء العظمة ، فيقل عندهم الأحساس الطبيعي بمن حولهم فلا يستطيعون إدراك معاني الحياة ، فيقومون بتشيد قصور كرتونية من افظع أنواع الوهم الزائف الذي يقودهم لنفش ريشهم أمام المجتمع بإدعاء البطولات المختلقة و إظهار الإنتصارات الوهمية في مواضع لا تصلح للمنافسة ، و لذلك نجد في كثير من الأحيان يوهمون أنفسهم بمكاسب و هي خاسرة ، قد تتحقق لهم جزء من أهدافهم التي يمكن ان تصنع لهم بعض من الشهرة داخل تلك المكاتب الصامته فيعلو ذكرهم فيها بشهرة زائفة ، و ذلك لا يعني أنهم أنقياء فقد تحدث الشهرة بفعل تافه مثل تلك التي تأتي عبر أمر شنيع كإرتكاب فعلة بشعة أو ممارسة منكر أو جريمة أو تسويق محرم فينتشر خبرها وإسم فاعلها ، و على عكس ذلك كذلك يمكن ان يتحقق المجد بالجلوس على أعلى كراسيه بإنجاز عمل عام يخدم الإنسانية .

من مفاسد الحقبة الإنقاذيه أنها إستطاعت ان تصنع الطواغيت و الكيفية التي يمكن أن يصبح بها الإنسان طاغوتاً و ذلك يتم بجعل الأولوية لمصالح الانسان الذاتية ، بعيدا عن المصالح الكلية ، فهذا لا يحدث إلا عندما يكون الفرد غير واعي اذ تعميه الانانية و لا يرى إلا نفسه ، ولا يعرف أن مصلحته تكمن في المصلحة العامة و ليس في تحقيق المآرب الفردية ، ومع ذلك يكون هنالك اصرار على اللهث وراء الفوائد الفردية ، و تحقيق المكاسب الآنية ، و هذا هو الشيئ الذي ما زال يجر السودان إلى قاع البحر و بذلك يخسر الشعب كل شيئ بسبب هؤلاء الطواغيت الصغار الذين يمكن ألا يكون لهم مسمى وظيفي و يحدث ذلك مثل ما كان يفعله صغار شباب الإنقاذ حيث يتعارفون فيما بينهم بعبارة (أ ، ش) ، و حيث يعتبر هذا المصطلح جواز مرور لكل من يعرّف نفسه به ، و على ما إعتقد انها كانت تعني (أمن شعبي) فنجدهم يتحكمون في كل شيئ ، كما هو الحال في هذا المكان الدستوري الفخم وذلك لعدم وجود الحسيب و هكذا يكون حالهم وحال كل من أمنوا العقاب فأساءوا الأدب ، و لهذا نجد أنهم يكونوا زاهدين في حسن إستقبال الأشخاص الذين لا يضعوا لهم قيمة ، و كما لا يمنحوهم أي مقابل مادي يتم دفعه لهم فيما بعد نظير تسهيل دخولهم إلى تلك الأماكن التي يتم فيها إتخاذ القرار .

في يوم الخميس ، ذلك اليوم الذي تلى اليوم الذي نالني فيه ما نالني من تجريح و عدم إعتبار و طرد في تلك المحطة الدستورية الهامة بعد ان تلقيت دعوة رسمية في مساء نفس اليوم ممهورة بخالص آيات الإعتذار عما حدث لي من إهانة ، فحضرت معززاً مكرماً ، فكان أول من وقع بصري عليه في ذلك المكان هو ذلك الطاغوت الأشر الذي نفذ عملية الطرد بصورة أشبه بالدبلوماسية من هذا المكان و حينها تذكرت قول سيدنا يوسف حينما تساءل أمام الملك قائلاً ما بال النسوة اللآئي قطعن أيديهن حينما إنتصرت قضيته ، و حينها توجهت إليه بخطوات ثابته و كان الخوف يكاد ان يقتله ، فوجدته يزين صدره بربطة عنق أنيقة تتناسق وبدلته الزرقاء ويحفه رهط من زملائه فقلت له : يا هذا ما بالك لقد عُدت اليوم في أقل من 24 ساعة إلى نفس المكان الذي طردتني منه فما أراك فاعل معي ؟ ، و كما لا أظنك اليوم تستطيع أن تنطق ببنت شفة لانك قد لا تمتلك الجرأة والشجاعة الكافية لتنفيذ نفس ذلك المخطط القذر و العمل الجبان الذي ينطبق عليه قول السيد سلفاكير رئيس حكومة السودان في خطابه الذي ذكر فيه (الكلب و الضيف وصاحب البيت) ، فلقد كان موقفة كالذي ورد فيه : (فبهت الذي كفر) حينها تعلثم لسانه في الرد ، إنه موقف لا يحسد عليه ، لقد هزمه الله في عرينه و وسط حاشيته من زملائه الذين يسبقهم بدرجات وظيفية ، ولهذا يجب على الإعلام فضح أمثال هؤلاء الجوعى من أشباه الرجال حتى لا يقومون بإحراج مدرائهم أمام ضييوفهم بوضع مدرائهم في قالبهم الشخصي الذي يقوم بتشويه الصورة العامة لقياديي الدولة .

سنظل نكتب و نفضح أمر كل هؤلاء الطواغيت صغاراً كانوا أو كباراً و كذلك كل من تسول له نفسه بمثل هذه الأمور التي تهزم الدولة و تضيع حقوق المواطنين ، حقاً أنها أفعال لا تشبه الرجال .. وهنالك المزيد و المثير في الحقات القادمة إن شاء الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!