بقلم : بدرالدين خلف الله.
أشار تقييم جديد لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إلى أن عدداً قياسياً من سكان السودان سيواجه قريبا انعداما حادا في الأمن الغذائي. وأضاف البيان أن “أحدث نتائج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في السودان توقعت أن يعاني 9.8 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد”، وذلك طوال موسم الندرة الغذائية من يونيو إلى سبتمبر. وبحسب التقرير من المتوقع أن يواجه أكثر من 20% من سكان السودان انعدام الأمن الغذائي الحاد اعتبارا من يونيو”. وبحسب مراقبين فإن الرقم يعد الأعلى الذي يتم تسجيله في تاريخ التصنيف الدولي للأمن الغذائي في السودان.
فيضانات وجفاف
وأوضح البيان أن الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي في السودان هي الفيضانات والجفاف المتكرر والتدهور الاقتصادي والتضخم والنزوح بسبب الصراع. فيما اطلقت كل من وزارة الزراعة والغابات ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي دعوات لزيادة الاستثمار في الزراعة والمساعدات الإنسانية.
آثار ونتائج
انعكس تدهور الأوضاع الاقتصادية وندرة الأمن الغذائي مؤخراً على الأوضاع الأمنية والاجتماعية في السودان حيث شهدت عدد من أقاليمه بعض حوادث العنف والقتل والانحلال المجتمعي لاسيما في بعض التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة المناوئة للحكومة والتي شهدت أعمال نهب وسرقة.
وتعد المناطق الريفية من أكثر المناطق انتشاراً وعمقاً للفقر بجانب المناطق المتضررة من الصراع والجفاف والمجاعة مثل غرب و شرق السودان. كما يختلف معدل انتشار الفقر بشكل كبير بحسب المنطقة، وذلك جزئياً بسبب النمو الاقتصادي الذي تم توزيعه بشكل غير متساو، ولكن أيضاً بسبب الدمار الاقتصادي والاجتماعي الناجم عن النزاع في مناطق معينة في السودان. وفي الأسبوع الماضي تسلمت الحكومة السودانية 48 ألف طن من القمح معونة أمريكية، من أصل 300 ألف طن ستصل تباعاً حتى نهاية العام الجاري.
عوامل مؤثرة
يشير عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير محمد نور كركساوي إلى أن 957 مليون نسمة في 93 دولة ، مهددين بنقص الغذاء وفق بيان لمنظمة الغذاء العالمي 2021. وقال لموقع “أفريقيا برس” إن عوامل البيئة والمناخ من أهم العناصر المؤثرة في خلق المجاعات حول العالم بجانب عوامل هجرة الشباب من الدول الفقيرة الى الدول الغنية مما يستنزف طاقات هذه الدول وتختل موازين الإنتاج. وطالب الدول الفقيرة بالاهتمام بمشاريع الشباب. واعتبر كركساوي أن انتشار الأوبئة والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات وجائحة كورونا والايدز كلها عوامل أسهمت في تفاقم أزمة العذاء عالمياً. ونبه إلى أهمية مضاعفة الجهود الدولية لإنتاج الطاقات الصديقة للبيئة أو الطاقات المتجددة والحفاظ على الغطاء النباتي والغابي لتخفيض نسبة الكربون والتلوث البيئي.
معدلات خطيرة
وصف الخبير الاقتصادي أبو القاسم إبراهيم تقرير وكالات الأمم المتحدة بأن حوالي 10 ملايين سوداني مهددون بنقص حاد في الغذاء بالمتواضع. وقال إبراهيم لموقع “أفريقيا برس” إن العدد يفوق 13 مليون مواطن سوداني مهددون بأزمة غذاء حادة خلال يونيو حتى سبتمبر. وأضاف أن تقديرات الأمم المتحدة قائمة على دراسات لأوضاع سابقة منها ماقامت به الحكومة مؤخراً من تحرير للأسعار وتحديد سعر جديد للصرف.
خطر المجاعة
وكشف إبراهيم أن 75% من الشعب السوداني يواجهون خط الفقر في ظل صعوبات حقيقية تواجه توفير الأمن الغذائي وأشار إلى ما يحدث الآن من أزمة صفوف بحثاً عن الخبز فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة معدلات التضخم إلى أكثر من 360% وتوقع أن تتجاوز معدلات التضخم في الشهور القادمة 500%.
وتوقع إبراهيم أن يصل رقم الاشخاص الذين يهددون بانعدام الغذاء إلى 20 مليون مواطن في الفترة القادمة في ظل عدم وجود أي تدابير حكومية للتعامل مع الأزمة الغذائية الماثلة. وبحسب بيان هيئة الارصاد الجوية بهطول أمطار غزيرة في أنحاء متفرقة من السودان توقع إبراهيم أن تؤدي هذه الأمطار إلى فيضانات تزيد من معدل الفقر ونقص إضافي في الغذاء. ونبه إلى أن الظروف الاقتصادية ربما تخلق ثورة جياع جديدة. ووصف الثلاثة شهور الماضية بأخطر الفترات في مجال نقص الأمن الغذائي على الشعب السوداني.
مشغل الصوت
تحذير
وصف الباحث والمحلل الاقتصادي خالد سعد تقرير الأمم المتحدة بأنه أخطر تقرير صدر بشأن السودان في الآونة الأخيرة في حال ثبتت صحته وأن بياناته بالفعل قد اعتمدت دراسة حديثة وتم إخضاعها للتقييم الوطني. ويضيف في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أنه في حال أكد التقييم ذات النتائج فمن شأن ذلك إظهار عجزاً وطنياً ودولياً في التعامل مع الأوضاع في السودان وفشل في التنبؤ وعدم القدرة على تقديم حلول عاجلة.
وطبقاً لسعد فإن التقرير يعزز المخاوف من الخذلان الدولي والإقليمي في الوقوف إلى جانب السودان بعد الثورة الشبابية ويظهر قبل ذلك مستوى مخيف من عدم جدية الحكومة الإنتقالية وكافة مكوناتها في التعامل مع الأزمة الوطنية.
غياب الحلول
وأضاف سعد “هذا الوضع أيضاً يشكك في فعالية الحلول المطروحة على مستويات التنمية، ويطرح أسئلة في ضرورة إعادة النظر حولها كما يطرح التقرير تساؤلات حول دور الجهات التي قامت باجراء الدراسة في تقديم حلول للخطر الذي حذر منه باعتبار أن جهة التقرير هي وكالات أممية معنية بمساعدة الدول لتلافي المخاطر.
تعامل جاد
ويشير سعد إلى أن الحل يكمن في التعامل بجدية مع التقرير وإجراء الدراسة المقارنة مع البيانات الوطنية للوصول إلى حلول شاملة وليست جزئية بجانب الإسراع في تقديم مشروعات أمن غذائي داخلية مسودة بتمويل دولي لمواجهة مثل هذه الأخطار عبر خطة قصيرة الأجل.
وفي مارس 2020 حذرت وكالتان تابعتان للأمم المتحدة من أن المجاعة أصبحت بالفعل على أعتاب ملايين الأسر في 20 دولة. يأتي ذلك في تقرير يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب ارتفاع الجوع بسبب عوامل مثل الصراع والظواهر المناخية المتطرفة وجائحة كوفيد -19.
ويتصدر اليمن وجنوب السودان وشمال نيجيريا قائمة الدول العشرين التي تعاني من انعدام غذائي حاد، وفقا لتقرير بؤر الجوع الساخنة الذي نشرته منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي في مارس الماضي
المصدر / أفريقيا برس