فض اعتصام القيادة جريمة شهدها العالم على الهواء مباشرة، فهي غير قابلة للإنكار. جنود وضباط قواتنا المسلحة، بكل أسف، لن يستطيعوا نفي وقوفهم خلف الأسوار عاجزين بينما آخرون يرتدون زي الشرطة والدعم السريع يضربون، يحرقون ويقتلون المعتصمين العزل بوقفة عيد الفطر المبارك. هذا النوع من الجرائم ليس بحاجة للجان تحقيق، وأهالي الشهداء، الجرحى، المفقودين والمضرورين تأخروا كثيراً في أن تقتصر لائحة اتهامهم على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم دقلو، وإنما جائز أن تطال كل من رئيس وأعضاء المجلس العسكري الانتقالي عن الإهمال المسبب للموت، الجراح وكافة الأضرار الأخرى.
مجزرة الاعتصام جريمة يستحيل أن تنساها البشرية لوقوعها بحرم من وثق فيهم الثوار فارين من وحش كاسر ملتمسين الحرية، السلام والعدالة. أكبر خطأ ارتكبه البرهان وحميدتي، ومن معهم من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي، عدم تصديهم الفوري بتقديم استقالتهم معلنين مسؤوليتهم الشخصية ولو عن التقصير بحماية المعتصمين سواء أكانوا أو لم يكن لهم علاقة بالتخطيط أو التنفيذ بفض الاعتصام.
كثيرون يعتقدون أن عوام الشعب السوداني يجيدون العمل السياسي أكثر ممن ينبرون له. فرغماً عن أهمية وضرورة العملين السياسي والنقابي إلا أن وصف شخص “بالسياسي” باتت مهنة من لا مهنة له، لدرجة أن الوصف ارتبط بالفاشلين والفاشلات. بأي مكان في العالم، لا يعقل أن يتعامل هكذا مسؤول مع مجرد دعوة للإفطار صادرة عن منظومة أسر الشهداء تخليداً لذكرى أبنائهم وبناتهم. واضح أن المصيبة ليست في فشل الاستجابة أو المشاركة الرسمية بالإفطار الميمون. الكارثة أنه وبدلاً عن إكرام الصائمين والمكلومين، فإذا بالأخيرين يواجهوا القتل والعنف من نفس الزول وبنفس المكان.
بدلاً عن الخذلان، كان مأمولاً أن تتبنى حكومة الثورة إفطار أسر الشهداء، وبالمرة تستغل المناسبة بدعوة القوات النظامية والمليشيات لمغادرة المدن وعدم إغلاق الطرق لما في ذلك من استفزاز ومشقة وبث لروح الكراهية بين الشعب وتلك القوات. إغلاق الطرق ليس حلاً وإنما مدعاة لمزيد المتاريس فضلاً عن فشله الحيلولة والثوار والكنداكات من اختراق الحواجز كيف ومتى أرادوا. هذه الثورة المجيدة عمل جماعي وتراكمي شارك فيها كل السودانيين. واهم من يظن قدرته إقعادها أو اختطافها أو تجيير مواقفها مهما طال السفر.
الحكومة الفاشلة، وقبل أن تدفن رأسها بذرائع التحضير لمؤتمر باريس وبمن لا يمثلوا عظمة الثورة، من الأفضل أن تطلب تأجيل انعقاد المؤتمر. العالم الخارجي لا ولن يحترم من لا يراعي حرمات مواطنيه ويسومهم قتلاً وجرحاً وتنكيلاً. بصراحة، أحداث الأمس تقتضي أن يدفع رئيس وأعضاء مجلس السيادة علاوة على رئيس وأعضاء مجلس الوزراء باستقالاتهم مكلفين شخصية وطنية لتشكيل حكومة من جدارات وإلا فسيلحقوا المخلوع.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
12 مايو 2021
اترك رد