الأخبار

مقدمات في تحرير الإذاعة.. شيخ الأمين!

تلك الأيام كانت صعبة وقاسية علينا إلى درجة لا أستطيع وصفها بالكلمات.
كنا نُطعم المسكين والغني، نُواري الجثامين، نُؤوي الناس، ونُداوي الجرحى والمرضى.
فتحنا لتلك المسالك الإنسانية أبواباً من الاجتهاد والطاقات والعمل الدؤوب،
وكان شعارنا: (فإذا فرغت فانصب).

ليلٌ ونهار…
حتى إن المخرج الكبير عبادي محجوب كان يقول لي:
(إنتو بتنوموا متين؟!)

كنا مشغولين بكل تلك التفاصيل لإنضاج العمل على أكمل وجه، وزي ما بقولوا “المثقفاتية”:
(حتى لا تسقط حبة قمح واحدة).

في هذا المعترك، وما بين نار الملاح والسلاح، كانت هناك أصوات صديئة تبحث بقوة وشراسة عن موتنا:
(الموت لشيخ الأمين).

بعضهم كان ملازماً لنا، عاملين فيها أصحابنا وأصدقائنا، ندفع عنهم غوائل الدهر ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، فلما تأخرنا عنهم جرّدوا علينا ألسنتهم حداداً.
وبعضهم كان مختلفاً معنا منذ بدايتنا في المسيد؛ كنا نجادلهم بالحسنى وندفعهم بالتي هي أحسن، لقناعتنا الراسخة بأن الاختلاف في الرأي أمر مشروع ومطلوب.

لكن ما فعلوه بعد الحرب كان متجاوزاً، فاحشاً، وفجوراً في الخصومة،
بل جريمة يُعاقب عليها القانون.

بعضهم اختبأ خلف أسماء وهمية ومستعارة، ومعلوم أن:
(من أمِن العقاب أساء الأدب).

كانت الدعوة للقتل سافرة ومنتشرة في الأسافير والوسائط.
ومع ذلك، كنت – وحتى في تلك اللحظات الصعبة – غير مهتم بتلك الحماقات.
شغلني عنهم خدمة الناس، والوقوف على التفاصيل والمشاكل.
كان ظني بالله كبيراً.

كما أن كل الإرهاصات كانت تقول إن كل تلك الاتهامات ستذهب هباءً مع دخول أول جندي للجيش السوداني إلى أم درمان القديمة.

عذراً…
وعدتكم بتفاصيل دخول الجيش إلى أم درمان القديمة والمسيد،
لكن الكلام سرقنا.

نلتقي في الحلقة القادمة.

الأمين عمر الأمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *