الأخبار

جلسة أممية حاسمة في جنيف تكشف فظائع الفاشر وتضع الدعم السريع والإمارات في قلب الاتهامات

متابعات _ عزة برس

يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اليوم الجمعة، الموافق 14 نوفمبر 2025، جلسة خاصة لمناقشة وضع حقوق الإنسان داخل وحول مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، وذلك في سياق النزاع المستمر في السودان، حيث تستمر أعمال الجلسة من الساعة العاشرة صباحاً حتى الثانية ظهراً بتوقيت الخرطوم.

شهد المجلس في مقره بجنيف جلسة مشاورات مطولة حول مشروع قرار خاص بمدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها، وسط حضور دبلوماسي مكثف ومطالبات حقوقية بإجراءات عاجلة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. وشارك في الجلسة ممثلون عن 24 دولة من أصل 47 دولة عضوًا في المجلس، إلى جانب دعم إضافي من أكثر من 31 دولة بصفة مراقب. واستمرت النقاشات من الصباح حتى الظهيرة، قبل أن تُستأنف في جلسة إضافية داخل القاعة الكبرى استغرقت نحو ساعة ونصف، وتمحورت حول الانتهاكات التي شهدتها الفاشر ومدن سودانية أخرى، مع مطالبات بإعداد تقرير شامل قد يشمل كامل البلاد.

تميزت الجلسة بحضور رسمي لوفد من الحكومة السودانية، في خطوة غير مسبوقة مقارنة بجلسات مماثلة سابقة. وطالب الوفد الحكومي بإدانة صريحة لقوات الدعم السريع ضمن مشروع القرار، كما دعا إلى أن يتولى مكتب مفوضية حقوق الإنسان إعداد التقرير بدلاً من البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان. غير أن غالبية الدول الأعضاء أيدت تمكين البعثة الدولية المستقلة من إعداد التقرير استنادًا إلى ولايتها الواضحة في هذا المجال. ومن المقرر أن يُعرض التقرير الخاص بالفاشر على الجلسة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان المقررة بين نهاية فبراير ومطلع أبريل المقبل.

قاد مجموعة أساسية من الدول، تضم المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا والنرويج وأيرلندا وموناكو، المشاورات، مؤكدة أنها أخذت بعين الاعتبار جميع الملاحظات المقدمة من الدول المشاركة، إلى جانب مداخلات منظمات المجتمع المدني مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والمركز الإفريقي للديمقراطية ودراسات حقوق الإنسان. كما تلقت الجلسة مذكرات من أكثر من 30 منظمة حقوقية طالبت بإحالة الوضع في السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية، ورفع الملف إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرارات ملزمة، بما في ذلك فرض هدنة إنسانية أو وقف فوري لإطلاق النار.

أوضح الدكتور محمد صالح يس، المدافع عن حقوق الإنسان، أن المجموعة الأساسية تسعى إلى تعديل مشروع القرار بما يراعي ملاحظات جميع الأطراف، بهدف التوصل إلى توافق وإجماع داخل المجلس وتفادي اللجوء إلى التصويت. وأشار إلى أنه في حال تعذر التوافق، سيتم طرح مشروع القرار للتصويت خلال الجلسة الاستثنائية المقررة اليوم الجمعة. وأكد يس أن الجلسة شهدت حضورًا كثيفًا داخل القاعة الرئيسية، ما يعكس الاهتمام الدولي المتزايد بالأوضاع في السودان، خاصة في المدن المحاصرة مثل بابنوسة والدلنج وبارا إلى جانب الفاشر. وشدد على أن المجتمع الدولي يولي أهمية قصوى لوقف الحرب وضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين ضمن رؤية واضحة المعالم.

اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن عقد الجلسة الطارئة يمثل فرصة مهمة لتسليط الضوء على الانتهاكات وتعزيز جهود المساءلة، مشددة على ضرورة أن يطلب مجلس حقوق الإنسان إجراء تحقيق خاص من قبل البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان وتوفير الموارد اللازمة لذلك. وأكدت المنظمة في بيان لها أن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي فشلا في اتخاذ إجراءات فعالة لحماية المدنيين، كما أن العديد من الحكومات لم تفرض عقوبات على المسؤولين عن الانتهاكات، ولم تواجه الجهات التي تقدم دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة.

طالبت هيومن رايتس ووتش القادة والهيئات الإقليمية والدولية بدعوة الإمارات إلى تعليق دعمها لقوات الدعم السريع وفرض عقوبات على قيادتها، إلى جانب نشر بعثة ميدانية لحماية المدنيين. وحذرت المنظمة من أن أي إجراء أقل من ذلك سيعرض مزيدًا من الأرواح للخطر ويمنح مزيدًا من القوة لجماعة مارست الإرهاب واستهداف المدنيين عمدًا على مدى سنوات. وأشارت إلى أنها حللت عشرات مقاطع الفيديو التي صورتها قوات الدعم السريع، وتُظهر مقاتلين يحتفلون فوق جثث القتلى وينفذون إعدامات ميدانية بحق مدنيين، بينهم جرحى، ويسخرون من الضحايا.

أفادت المنظمة أن أحد المقاطع يُظهر جنديًا من قوات الدعم السريع وهو يُعدم رجلًا مسنًا داخل كلية الطب بجامعة الفاشر في غرفة تملؤها الجثث. كما نقلت عن الأمم المتحدة أن قوات الدعم السريع ارتكبت مجزرة بحق المرضى والعاملين في مستشفى السعودي للولادة. وشددت هيومن رايتس ووتش على أن هذه الانتهاكات المروعة باتت مألوفة بشكل مأساوي، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في مختلف أنحاء السودان، بما في ذلك حملة تطهير عرقي في غرب دارفور عام 2023، وعنف جنسي واسع النطاق في الخرطوم وجنوب كردفان. وأضافت أن خطر الانتهاكات المستمرة لا يزال قائماً في شمال دارفور ومنطقة كردفان.

الراكوبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *