العالم

حدث جيولوجي نادر يربك المصريين.. بحيرة غامضة تظهر فجأة في قلب الصحراء

وكالات _ عزة برس

في حدث جيولوجي نادر، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مقاطع “فيديو” لبحيرة مياه غامضة في قلب الصحراء الغربية، لم يكن لها وجود من قبل، وظهرت فجأة بالقرب من قرية البهنسا بمحافظة المنيا جنوبي البلاد.

البحيرة التي ظهرت بلا سابق إنذار، أثارت الجدل وتساؤلات بشأن طبيعة هذه المياه وكيف تكونت، وأسباب ظهورها السريع.

وسعت محافظة المنيا لطمأنة الأهالي، وأصدرت بيانًا أكدت فيه أن “البحيرة نتجت عن تسريبات جيولوجية طبيعية، وأن مياهها تحتوي على نسبة ملوحة مرتفعة جدًّا، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي أو الحيواني أو الزراعي”.

وحذرت المحافظة في بيانها المواطنين من الاقتراب أو التعامل مع المياه حفاظًا على سلامتهم، مؤكدة في الوقت نفسه أن التجمع المائي لا يمثل خطورة، وأنه يخضع للمتابعة المستمرة بالتنسيق مع الجهات المعنية.

هذا الأمر دفع بعض الأهالي إلى وصف البحيرة التي ظهرت فجأة بأنها “البحيرة المباركة”، بينما سخر آخرون على مواقع التواصل من ظهورها المفاجئ، وأطلقوا عليها “البحيرة الملعونة”.

وتباينت الآراء بشأن وصف هذا الحدث الاستثنائي، لكن الجميع اتفق على الأهمية الرمزية والدينية للقرية التي تمثل فسيفساء للتاريخ المصري.

لكن بيان محافظة المنيا شدد على أن الظهور الغامض للبحيرة هو ظاهرة طبيعية لتجمُّع مياه محصورة داخل منخفض صحراوي، ولا علاقة له بأي أحداث خارقة أو دينية كما أشار بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

وبشأن سبب ظهور البحيرة، قال أحمد صفوت، وهو موظف بمدينة بني مزار التابعة لها قرية البهنسا، إن “ظهور مثل هذه الظاهرة وتجمُّع المياه التي تشكل ما يشبه البحيرة المالحة ليس جديدًا، فقد حدث ذلك من قبل”.

وفسر صفوت لـ”الجزيرة مباشر” هذه الظاهرة بأنها نتيجة تجمُّع كميات من المياه، خاصة مياه الصرف الزراعي، بفعل انخفاض مستوى الأرض في القرية مقارنة بالمنخفضات الجبلية المحيطة بها، مشيرًا إلى أن الجديد هذه المرة “هو الكمية الكبيرة لتجمُّع المياه التي شكَّلت البحيرة”.

كما نقلت وسائل إعلام محلية عن إكرام محمود، رئيسة مدينة بني مزار، أن المياه التي تجمعت في قرية البهنسا هي مياه صرف زراعي زائد عن الأراضي الزراعية المحيطة.

ورأت أن ما حدث لا يدعو إلى القلق، مؤكدة ما ورد في بيان المحافظة بشأن ارتفاع نسبة الملوحة الناتجة عن مياه الصرف الزراعي، مما يجعل إعادة استخدامها بأي شكل خطرًا حتى في أغراض الزراعة.

التفسير الجيولوجي للبحيرة الغامضة
وعن تفسير هذه الظاهرة، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، في منشور عبر صفحته الرسمية على فيسبوك إن “مصدر هذه البحيرات هو الصرف الزراعي الناتج عن الري بالغمر باستخدام المياه الجوفية من خزان الحجر الجيري غرب النيل بالنسبة للبهنسا، وهي ليست بحيرة واحدة بل مجموعة بحيرات بدأت في التكون بفعل النشاط الزراعي الأهلي غير المخطط منذ عام 2016 حتى الآن”.

وأوضح أن أماكن البحيرات هي في الأصل مناطق عميقة نتيجة تجريفها كمحاجر رملية، تسربت إليها مياه الصرف الزراعي فكونت بحيرات تزداد عمقًا وملوحة مع مرور الوقت. وهذه المياه غير صالحة للشرب أو الزراعة، وتزداد ملوحتها بفعل غسيل التربة الزراعية وكذلك التبخر نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.

واتفق مع هذا التفسير الدكتور أحمد يوسف، أستاذ الجيولوجيا بمركز بحوث الصحراء في مصر، مؤكدًا للجزيرة مباشر أن “تجمعات المياه الكبيرة التي تتشكل على هذا النحو، كما في البهنسا، يعود تفسيره الجيولوجي إلى تسرب المياه الجوفية إلى المنخفضات الناتجة عن المحاجر الرملية القديمة في المنطقة، أو إلى مياه الصرف الزراعي للقرى المجاورة الأعلى في منسوب سطح الأرض”.

ومع تزايد تلك الكميات من المياه وتجمُّعها يتكون ما يشبه البحيرات المالحة، شبيهة بالبحيرات التي تتكون في محافظات الدلتا أو في المحافظات الساحلية، مثل “الملاحات” في الإسكندرية، وهي بحيرات مالحة تتشكل نتيجة تسرب مياه البحر وتجمُّعها.

وأشار يوسف إلى أن منطقة البهنسا تضم محاجر لاستخراج الرمال، وقد أدت عمليات الحفر إلى إزالة طبقات التربة والصخور العليا وكشف طبقات أعمق وأكثر مسامية. وبعد انتهاء نشاط المحاجر، تُركت حفر عميقة أصبحت بمثابة مصائد طبيعية للمياه.

المصدر: الجزيرة مباشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *