
متابعات _ عزة برس
كلما تهبط طائرة جديدة لشركتي بدر تو تاركو يتجدد هذا السؤال.. نتلقّي في مجلة “طيران بلدنا” أسئلة تنطوي علي حيرة واستفهام حول أسباب عدم مقدرة شركة الخطوط الجوية السودانية إضافة طائرة ثانية الي اسطولها مقارنة بشركتي بدر وتاركو، وهو سؤال ينبع من حرص علي تطور الناقل الوطني، والإجابة علي السؤال تكاد تكون معروفة لمنسوبي قطاع الطيران، ولكن لا بأس أن نعطي مقاربة للظروف التي تواجهها سودانير في هذا الإطار من واقع معلومات عامة.
والسؤال الأول، كما يبلغ سعر الطائرات خاصة من طراز الايرباص، الإجابة توضح ان أسعار الطائرات التي تمّ إنتاجها قبل 20 عاماً وهو السقف الزمني الذي حدّدته سُلطة الطيران المدني لعُمر الطائرة المراد تشغيلها في السودان، تبدأ من 18 مليون دولار وكلّما كان عمرها أقل فان سعرها يرتفع، وفي عهد المدير السابق الكابتن “إبراهيم علي ابوسن” و _ بحسب مصادر _ فإن الشركة تحرّكت في كل الاتجاهات لإضافة طائرة ثانية عبر الشراء وافلحت جهودها في الوصول الي طائرتين معروضتين للبيع، الأولى طراز ايرباص 321 وكان سعرها 24 مليون دولار، والثانية ايرباص 320 بسعر 26 مليون دولار.
ولأن الشركة كانت تملك في تلك الفترة _ بحسب المصادر _ ثلاث مليون دولار فقط،فإن المبلغ لم يكُن كافٍ لشراء طائرة واحدة من الاثنتين، فكان ان اتجهت إدارة سودانير الي وزارة المالية التي يفترض بحُكم تبعية الشركة للحكومة ان تستخرج خطاب الضمان او من بنك السودان او أن يكون ضمان سيادي، حتي تتمكن الشركة من إكمال إجراءات الشراء.
َلكن تعثّر وتعذّر الحصول علي خطاب الضمان، وقد يبدو السبب في نظر ذات _ المصادر _ موضوعي من واقع ان البلاد في حالة حرب، وهذا يعني وجود أولويات ربما رأت الحكومة أهمية الوفاء بها، ووصلت الي قناعة صعوبة الإلتزام بسداد المبلغ لشراء الطائرة قياسا علي الظرف العام.
وحينما تعثّرت خطوات الشراء فإن الشركة اتجهت الي إيجار طائرة، ولكن أيضا لم تفلح جهودها من واقع ان تبعية الشركة للحكومة تفرض عليها الخضوع لإجراءات الشراء والتعاقد التي تستغرق زمنا ليس بالقصير، وفي سوق إيجار الطائرات فإن للزمن تأثير، كما أن سبباً آخر أيضا وقف في طريق إيجار طائرة رغم امتلاك الشركة مبلغ 3 مليون _ الذي كان كافيا لسداد التأمين وساعات تشغيل الشهر الأول التي تتراوح بين 200 الي 250 ساعة في الشهر _، ويتمثل السبب في اعتبار شركات تأجير الطائرات دولة السودان منطقة حرب خاصة بعد هجوم مسيرات مليشيا الدعم السريع علي بورتسودان، وهذا يفرض اذا وافقت شركات تأجير الطائرات زيادة التأمين واشتراط عدم مبيت الطائرة بمطار بورتسودان بالإضافة الي فرض الطواقم الأجنبية علي الشركة، وهذا بطبيعة الحال يرفع من تكلفة التشغيل، من واقع ان وقوف الطائرة ليلا في مطار خارجي يعني سداد رسوم الوقوف بالإضافة الي استضافة الطاقم في فندق وذلك يومياً.
وتواصلت ذات الجهود في عهد الكابتن مازن العوض المدير الحالي للشركة الذي و_ بحسب مصادر _ ظلّ يسعي منذ توليه المنصب لإضافة طائرة ثانية عبر الإيجار ، غير ان جهوّده حتي الآن لم تثمر وربما بسبب ذات المعوقات التي واجهت الكابتن ابوسن.
وهنا أيضاً يبرز سؤال، لماذا لم تستخرج الحكومة خطابات ضمان للشركة لشراء طائرات قبل اندلاع الحرب او بالاحري منذ العام 2007 الذي اشترت فيه شركة عارف الكويتية طائرة الايرباص 320 الحالية، الإجابة تذهب في إتجاه أن الحكومات المتعاقبة تتعامل بسياسة واحدة مع شركات القطاع العام مثل سودانير، وتتمثل في ان تتحمل الشركة تكلفة تشغيلها، وفي حالة عدم قدرتها علي ذلك فإن الحكومة تعتبرها خاسرة، وهذا يعني أنه في كلتا الحالتين فإن الحكومة لاتدعم شركاتها، وهذا يفسّر عدم مساعدة سودانير لشراء طائرات، وهي سياسة تختلف حولها الآراء.
وهنا يبرز السؤال علي سبيل المثال، لماذا نجحت شركة بدر في امتلاك اسطول هو الأكبر في السودان الذي يحتوي علي طائرات حديثة من الجيل الجديد، الإجابة _ بحسب خبراء _ طرحت عليهم السؤال تتمثل في ان تجربة ملكيه القطاع الخاص في مجال الطيران ومخاطرها معروفة عالميا، من واقع أنها تحكُمها لوائح ونظُم في غاية الصعوبة لاتخاذ القرارات المصيرية، وان هذا بحسب الخبراء يحتّم وضع كل التقديرات المالية والإدارية والفنية بصوره احترافية تتسق مع آخر التطورات في مجال الطيران، وان أي انحرافات فيها تؤدي الي الخروج من المجال نهائيا.
ولفتوا الي انه واستناداً إلى السمعة الراسخة التي تتمتع بها شركة بدر في مجال الطيران، وإلى شبكة علاقاتها الوثيقة مع الشركات العالمية المتخصصة في بيع وتأجير الطائرات، تمكّنت من إضافة طائرات جديدة إلى أسطولها قبل اندلاع الحرب، بما يعكس قدرتها على استثمار مكانتها التنافسية في السوق.
واشاروا الي أنه وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضتها الحرب، واصلت الشركة المحافظة على ثقة شركائها الدوليين وتعزيز تعاونها معهم، الأمر الذي مكّنها من الإستمرار في تطوير أسطولها وتوسيع قدراته التشغيلية بما يتوافق مع استراتيجيتها طويلة الأمد.
وهنا فإن سودانير وحتي تتمكن من إضافة طائرات الي اسطولها فإن هذا رهين لعوامل كثيرة منها تقديم الحكومة لضمانات علي اثرها تشتري الشركة طائرة واحدة مثلا وتعمل علي سداد المبلغ من التشغيل، او ان تدعمها بمبلغ شراء طائرة كاملاَ، او تتمكن من توفير مبلغ لسداد الإلتزام المالي لامتلاك طائرة عبر الشراء الايجاري،او إيجار طائرة بتوفير الضمانات المطلوبة، وربما توجد طُرق أخرى يعرفها خبراء الطيران من متابعي مجلة “طيران بلدنا” الذين يمكنهم توضيحها وذلك في إطار إهتمام الجميع بكيفية زيادة سودانير اسطولها.
طيران بلدنا .. رئيس التحرير











