
—
جوبا – أروشا / عزة برس
في تصعيد قانوني جديد يعكس عمق الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد، تواجه حكومة جنوب السودان دعوى قضائية أمام محكمة عدل شرق إفريقيا في مدينة أروشا التنزانية، بقيمة 1.05 مليار دولار أمريكي، قدمتها شركة يملكها رجل الأعمال “إيي دوانق إيي” ضد وزارة المالية والتخطيط القومي في جوبا.
وبحسب وثائق رسمية حصل عليها راديو تمازج، فإن الدعوى – التي قُيدت تحت الرقم 16 لسنة 2025 – تستند إلى إخلال الحكومة باتفاق تسوية موقّع في 13 فبراير الماضي، يقضي بسداد مستحقات مالية للشركة عبر 24 دفعة شهرية تبدأ في 28 فبراير، دون تنفيذ أي منها حتى الآن.
ويقود الدعوى المحامي واني سانتينو جادا، ممثلاً عن شركة قانونية مقرها جوبا، ويطالب موكله أيضًا بأتعاب قانونية تعادل 10% من المبلغ المستحق. كما أُدرجت النيابة العامة في جنوب السودان كجهة مدعى عليها بصفتها القانونية، وجرى إخطار وزارة العدل بالدعوى في 9 أبريل، لكنها لم ترد خلال المهلة القانونية المحددة بـ45 يومًا.
اتهامات بانتهاك معاهدة شرق إفريقيا
تتهم الشركة المدعية حكومة جوبا بانتهاك مواد متعددة من معاهدة تأسيس مجموعة شرق إفريقيا، لا سيما المتعلقة بالشفافية والمساءلة وسيادة القانون، وهي مبادئ أساسية في التعاملات بين الدول الأعضاء.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن النزاع المالي يتعلق بخدمات قدمت للجيش الجنوبي، إلا أن طبيعتها وتوقيتها لا تزال غير واضحة في الوثائق المنشورة.
خلفية اقتصادية متدهورة
تأتي هذه القضية في وقت حرج تعاني فيه البلاد من تدهور اقتصادي حاد، وفساد إداري ألقى بظلاله على الثقة المحلية والدولية. وكانت الحكومة قد أوقفت فعليًا سداد معظم ديونها منذ عام 2018، وسط تصاعد الدعاوى ضدها من مؤسسات كبرى، مثل بنك قطر الوطني وبنك التصدير والاستيراد الإفريقي وشركتي فيتول وبي بي إنيرجي.
كما تسبب انفجار خط أنابيب نفطي في بداية العام الماضي في انخفاض كبير بإيرادات الدولة، التي تعتمد على صادرات النفط كمصدر دخل رئيسي، ما أدى إلى تفاقم الأزمة المالية.
من دولة بلا ديون إلى الانهيار
جدير بالذكر أن جنوب السودان بدأ بعد استقلاله عام 2011 كدولة بلا ديون سيادية، إلا أن النزاعات المسلحة المتكررة أجبرته على الاقتراض مقابل شحنات النفط، ما ساهم في تراكم الديون وتدهور الوضع المالي إلى مستويات تهدد استقرار الدولة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.