تقرير

الثلاثون دقيقة التي غيرت مجرى الحرب

الخرطوم _ عزة برس/ توثيق منصة القدرات العسكرية

بعد أداء صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم، وقف الرجال صفًا واحدًا، ليس كجنود فحسب بل كجماعة تؤمن بأن فجر النصر لا يخرج إلا من رحم السجدة الصادقة في تلك اللحظة لم تعد الحرب مجرد معركة جغرافية بل أصبحت طريقًا إلى الله عبر بوابة التضحية.

عند التاسعة مساءً، صدر قرار تكتيكي بتأخير التحرك، لتجنب رصد العدو لحركة الفريق خلال الساعات النشطة للمراقبة قرار بدا صغيرًا لكنه أنقذ أرواحًا، وأفسح للظلام دور البطولة وصل الفريق إلى نقطة التجمع عند العاشرة والنصف كان الليل كثيفًا كقدرٍ آتٍ وكان كل جندي يعلم أن ما ينتظره ليس معركة بل معمودية بالنار.

رفعت الجاهزية، وتم تفقد الذخائر، ومعدات الاتصال، وأقنعة التمويه، وتم ربط الأحزمة ثم دقت الساعة الحادية عشرة لم يكن هناك نشيد عسكري لم تكن هناك أبواق فقط تحركت القوارب كأنها أشباحٌ تحمل قَسَمًا قديمًا لم تبرّ به بعد ,على متن القوارب الأولى، جلس النقيب منتصر جعفر وتيم العزل قاصدين ضفة النهر التي تقع بين كبري الفتيحاب وكبري السلاح الطبي أعينهم مفتوحة كأبواب مصير، وصمتهم أشد من الرصاص وفي منتصف النيل والطريق أُطفئت المحركات ليحافظوا على سير العملية القتالية لم يكن عبوراً جغرافياً
بل كان عبوراً فوق كل المخاوف والتحديات الجسام ,ساد صمتٌ رهيب، كأن الكون توقف ليستمع لم يكن يُسمع سوى صوت المجاديف وهي تُقبّل سطح الماء بلطف كان النيل ساكنًا، لكنه يعرف ربما أكثر من غيره أن من يقطعونه الآن ليسوا عابري مياه بل صانعي مصير ثلاثون دقيقة من الإنسياب فوق سواد الماء ثلاثون دقيقة كانت كفيلة بتحديد وجه السودان نصر أم نكسة، عبور أم فناء فبداخل كل جندي، كان صوتان يتصارعان صوت الخوف، وصوت الإيمان لكن في نهاية كل قلب، كان هناك يقين “نحن لا نعبر فقط نحن نحمل وطنًا كاملًا على أكتافنا، ونضعه فوق هذا الماء كي لا يغرق.”

عند الوصول إلى الضفة الغربية، ترجل “تيم العزل” لم يكن النزول إستعراضًا، بل لحظة تكشف عن الصدق كله أقدامهم لامست أرضًا لم يكن بها موطئ واحد آمن بدأ التفتيش شبرًا شبرًا، ظلًا ظلًا العدو قد لا يظهر، لكن رائحته في كل زاوية وكل حجر العمارة الهيكلية تمثل الخطر الأكبر بناء مرتفع، مطل على الجسر، وبه نوافذ مفتوحة على إتجاه النهر أي قناص فيه قادر على إفساد العملية بالكامل ,إقتحمها الفريق بهدوء الرعد القادم كانت العيون تفتش أكثر من الأيادي كل باب فُتح كأنه كشفٌ عن موتٍ محتمل لكن لحسن القدر، كانت العمارة خالية إما أن العدو لم يتوقع العبور لجرأتة كعملية، أو أن المفاجأة كانت كاملة ,في غضون ثلاثين دقيقة فقط تم تأمين النصف الأول من النصر الضفة مدخل جسر الفتيحاب العمارة الهيكلية وتسلميها لفريق القتال الرئيسي قُطع الشك باليقين تم إرسال إشارة النصر الأولى تباعًا وصلت بقية القوارب تنزل الجنود بصمت وهم يضعون أقدامهم على تراب العدو كمن يُقبّل الأرض قبل التضحية كان ذلك أول موطئ قدم في المعركة كان الأول في وسط الخرطوم والمقرن ، نقطة أرتكاز صغيرة على أرض العدو لكنها في المعنى والرمز كانت بحجم الخرطوم بأكملها.

التوثيق العسكري والإستراتيجي الأهم لمنصة القدرات العسكرية السودانية لعبور جسور الفتيحاب والسلاح الطبي وإقامة رأس الجسر بواسطة القوات الخاصة السودانية وتأمين عبور القوات من كتاب Bridgehead The Day The River Turned رأس الجسر : يوم تغير فيه النهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *