
نيالا، 28 ــ عزة برس
أفادت منظمة أطباء بلا حدود، الأربعاء، بأن العنف الجنسي ينتشر في غرب السودان إلى درجة بات كثير من الناس يعتبرونه قدرًا لا مفر منه، وقالت إنها قدمت الرعاية إلى 659 ضحية في جنوب دارفور فقط.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور الواقع غرب السودان، حيث تلاحقها اتهامات باتخاذ العنف الجنسي استراتيجية لإخضاع وإذلال المجتمعات.
وقالت أطباء بلا حدود، في بيان إن “العنف الجنسي أصبح منتشرًا على نطاق واسع في دارفور إلى درجة مرعبة جعلت الكثير من الناس يعتبرونه قدرًا لا مفر منه”.
وأشارت إلى أن النساء والفتيات في دارفور معرضات لخطر العنف الجنسي بشكل شبه مستمر، فيما لا يزال من الصعب تحديد الحجم الحقيقي لهذه الأزمة نظرًا لمحدودية الخدمات.
إحصائيات مؤرقة
وقالت المنظمة إنها قدمت الرعاية إلى 659 ناجية وناجيًا من العنف الجنسي في جنوب دارفور بين يناير 2024 ومارس 2025، تمثل النساء والفتيات نسبة 94% منهم.
وذكرت أن 86% من الضحايا تعرضوا للاغتصاب، فيما أفاد 55% بأنهم واجهوا عنفًا جسديًا إضافيًا أثناء الاعتداء، بينما أوضح 56% بأن المعتدي شخص غير مدني.
وأشارت إلى أن 34% من الضحايا تعرضوا للعنف أثناء العمل في الحقول أو التوجه إليها.
وكشفت المنظمة عن أن 31% من ضحايا العنف في جنوب دارفور كانوا أصغر من 18 عامًا، فيما 29% كانوا في سن المراهقة بين 10 إلى 19 عامًا، بينما 7% كانوا أصغر من 10 أعوام و2.6% كانت أعمارهم تقل عن 5 سنوات.
وقالت إن مستشفى المنظمة في طويلة بولاية شمال دارفور استقبل 48 من ضحايا العنف الجنسي بين يناير ومايو 2025، وصل معظمهم مع بداية القتال في مخيم زمزم.
وشنّت قوات الدعم السريع في 11 أبريل الماضي هجومًا واسعًا على مخيم زمزم الواقع على بُعد 12 كيلومترًا جنوب غرب الفاشر، لتُسيطر عليه بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات التي أودت بحياة 400 شخص وتشريد 406 آلاف نازح مرة أخرى.
ونزح معظم الفارين إلى بلدة طويلة التي تبعد حوالي 60 كيلومترًا من مخيم زمزم.
ضحايا جدد
ووثقت أطباء بلا حدود حالات عنف جنسي بين السودانيين الوافدين إلى شرق تشاد خلال هذا العام.
وقالت إنها عالجت 44 ناجية وناجيًا في مدينة أدري منذ يناير 2025، نصفهم من الأطفال، كما قدمت الرعاية إلى 94 ناجية وناجيًا في إقليم وادي فيرا بين يناير ومارس السابقين، منهم 81 ضحية دون سن الـ 18 عامًا.
وأفادت أطباء بلا حدود بأنها عالجت 24 ناجية وناجيًا في منطقة ميتشي بين يناير ومارس 2025، تعرضت 11 منهن لاعتداءات من عدة معتدين.
وفرّ 844 ألف سوداني إلى تشاد، من جملة 3.9 ملايين شخص عبروا الحدود إلى الدول الأخرى بحثًا عن الأمان منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023.
شهادات مروعة
ونقلت أطباء بلا حدود شهادات صادمة لأشخاص شهدوا أو تعرضوا للعنف الجنسي، تكشف حجم الكارثة التي يعاني منها إقليم دارفور.
وقال رجل لفريق أطباء بلا حدود في مورني بغرب دارفور، إن فتاة صغيرة تبلغ 13 عامًا اغتصبها ثلاثة رجال قبل ثلاثة أشهر: “ثم تركوها في الوادي، نادوا على بعض الأشخاص لأخذ الفتاة إلى المستشفى. كنت أحدهم. كانت فتاة صغيرة”.
وروت فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا تعرضت للاغتصاب بأنها رأت ثلاث نساء يحرسهن بعض عناصر الدعم السريع عندما وصلن إلى كلبس بولاية غرب دارفور، حيث أمرنا العناصر بالبقاء معهن.
وأضافت: قالوا لنا: أنتن زوجات الجيش السوداني أو بناته… ثم ضربونا واغتصبونا هناك على الطريق في العلن. كان هناك تسعة رجال من قوات الدعم السريع. اغتصبني سبعة منهم. أردت أن أفقد ذاكرتي بعد ذلك”.
وذكرت امرأة تبلغ من العمر 27 عامًا من غرب دارفور أن بعض الأشخاص يأتون ليلًا لـ”اغتصاب النساء وأخذ كل شيء، بما في ذلك الحيوانات. سمعتُ بعض النساء وهن يُغتصبن ليلًا. أما الرجال، فكانوا يختبئون في المراحيض أو في بعض الغرف التي يمكنهم إغلاقها، مثل زوجي وإخوتي، وإلا لقُتلوا”.
وشددت على أن النساء لم يختبئن، حيث يقتصر مصيرهن على الضرب والاغتصاب، فيما يُقتل الرجال.
وتُعد غرب دارفور أكثر الولايات التي ارتكب فيها عناصر الدعم السريع انتهاكات، منها الإبادة الجماعية والاغتصاب الجماعي والنهب.
عنف مقزز
وأفادت امرأة بأنها كانت تحمل شهادة في تمريض الإسعافات الأولية عندما أوقفها عناصر قوات الدعم السريع، حيث اتهموها بأنها تريد إسعاف الجيش وعلاج “العدو”.
وتابعت: “أحرقوا شهادتي وخطفوني لاغتصابي وطلبوا من الجميع البقاء على الأرض. كنت مع بعض النساء الأخريات، ومنهن أختي. اغتصبوني فقط بسبب شهادتي”.
وقالت منسقة الطوارئ في أطباء بلا حدود، كلير سان فيليبو، إن النساء والفتيات لا يشعرن بالأمان في أي مكان، حيث يتعرضن للاعتداء في منازلهن أو خلال الفرار من العنف أو عند الحصول على الطعام أو جمع الحطب أو العمل في الحقول.
وشددت على أن الهجمات على النساء شنيعة ووحشية، داعية إلى وضع حد لها، حيث إن “العنف الجنسي ليس نتيجة طبيعية أو حتمية للحرب، بل يمكن أن يشكل جريمة حرب وشكلًا من أشكال التعذيب وجريمة ضد الإنسانية”.
سودان تربيون