التحام متحرك “الصياد” بقوات الهجانة في كردفان .. ( فك الحصار عن الأبيّض)..ما تفاصيل المشهد ؟
بابكر يحيى: فك الحصار يربط جيش الهجانة بجيوش السودان ويمهّد لمعركة دارفور

الجيش يعلن التحام متحرك “الصياد” بقوات الهجانة وفتح الطريق إلى الأبيض
قائد الهجانة: التحام قواتنا بمتحرك الصياد إيذانٌ بسحق المليشيا وتأمين المدنيين
جبريل إبراهيم: انتصار الأبيض نقلة نوعية نحو تحرير دارفور وفتح الممرات الإنسانية
الأبيض تنفجر فرحاً.. احتفالات غير مسبوقة بانتصارات الجيش وكسر الحصار
متحرك “الصياد” حقق اختراقات واسعة.. سٓيطر على أم روابة والرهد وفك الحصار عن الأبيض
تقرير :رحمة عبدالمنعم
في مشهد سيخلده التاريخ، التقى الأبطال على أرض الصمود (الابيض )، حيث التحمت قوات متحرك “الصياد” بجيش “الهجانة”في ملحمة عسكرية كبرى أنهت شهوراً من الحصار على مدينة الأبيض، وأعادت إليها شريان الحياة ،هذا الالتحام لم يكن مجرد لقاء عسكري، بل كان إعلانا ً مدوياً بانتصار الإرادة الوطنية، وبدء مرحلة جديدة من معارك التحرير.
فمع طلوع شمس الأحد، سُطرت واحدة من أروع البطولات، حيث اخترقت قوات متحرك الصياد المتقدمة صفوف المليشيا، لتكسر الطوق الذي حاصر الأبيض، وتصل إلى الهجانة في جبل كردفان، وبين هتافات الجنود وزغاريد النساء، عادت الأبيض حرة أبية، فيما تتجه الأنظار إلى دارفور، حيث تستعد القوات المسلحة لمعركة الفصل ضد التمرد.
التحام الجيوش
وأعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبد الله، في بيان رسمي أمس الأحد، عن تمكن قوات الجيش في محور “الصياد” من فتح الطريق إلى مدينة الأبيض والالتحام بقوات الهجانة في جبل كردفان، مؤكداً أن قوات النيل الأبيض استطاعت تدمير فلول مليشيا آل دقلو وتطهير مدينة القطينة بالكامل.
وفي أعقاب هذا التقدم الاستراتيجي، قدّم قائد الفرقة الخامسة مشاة “الهجانة”، اللواء الركن فيصل محمد الحسن، التهنئة للجنود الأبطال الذين خاضوا المعارك ببسالة، مؤكداً أن التحام قواته مع متحرك “الصياد” يمثّل إيذاناً برفع الحصار عن مدينة الأبيض وتأمين المدنيين، إلى جانب سحق المليشيا الإرهابية التي حاولت عزل المدينة عن امتدادها الاستراتيجي.
نقلة نوعية
من جانبه، أشاد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، د. جبريل إبراهيم، بهذا الانتصار الذي وصفه بـ”الاستراتيجي”، مؤكداً في منشور على منصة “فيسبوك” أن التحام القوات المسلحة والمتحرك المشترك مع جيش الهجانة في مدينة الأبيض كسر حصار المتمردين عن “عروس الرمال” – قلب شمال كردفان.
وأضاف أن هذا التقدم يمثّل خطوة جبارة نحو فك الحصار عن الفاشر، إلى جانب تحرير مدن دارفور المحتلة من قبضة التمرد، فضلاً عن فتح الممرات لوصول الإمدادات الغذائية والطبية إلى ولايات كردفان التي عانت عزلة قسرية نتيجة أعمال النهب والتخريب التي مارستها المليشيات على طول الطرق الاستراتيجية.
واختتم جبريل منشوره بقوله: “هنيئًا للشعب السوداني هذا النصر المؤزر، وستتوالى البشريات لهذا الشعب الصابر في قادم الأيام بإذن الله، تقبل الله الشهداء، وعجّل بشفاء الجرحى، وردّ غربة جميع الأسرى.”
متـحـرك “الصـيّـاد”
وشكّل متحرك “الشهيد الصياد” تحولاً محورياً في مسار العمليات العسكرية، حيث حقق اختراقات واسعة بالسيطرة على مدينتي أم روابة والرهد – ثاني وثالث أكبر مدن ولاية شمال كردفان – مما أدى إلى فك الحصار عن الأبيض، حاضرة الولاية.
ويتألف هذا المتحرك من قوات الجيش المنتشرة في ولاية النيل الأبيض، إلى جانب الوحدات التي انسحبت من نيالا، فضلاً عن قوات من فرقة الهجانة ومكافحة الإرهاب التابعة لجهاز المخابرات، وقد كُلّف المتحرك منذ إنشائه قبل عام بفتح الطريق الرابط بين كوستي في ولاية النيل الأبيض ومدينة الأبيض، تمهيدًا للزحف نحو دارفور وفك الحصار المفروض على الأبيض منذ الأيام الأولى للحرب.
نقطة تحول
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي بابكر يحيى أن هذا الاختراق العسكري يمثّل بداية لإعادة السيطرة على أجزاء واسعة من ولايتي غرب كردفان وشمال ولاية جنوب كردفان، بالإضافة إلى فتح الطريق باتجاه دارفور.
ويوضح يحيى أن فك الحصار عن الأبيض يحقق العديد من المكاسب العسكرية والاقتصادية، إذ يربط جيش الهجانة بمختلف الجيوش السودانية، ويعيد تنشيط حركة التجارة بين الأبيض وسائر ولايات السودان، باستثناء دارفور التي لا تزال تحت سيطرة المليشيات، كما يمهّد الطريق لربط جيش الأبيض بجيش النهود، مما يتيح المجال لعمليات عسكرية متقدمة نحو دارفور عبر مسار استراتيجي يمر بأم صميمة والخوي وغبيش وصولًا إلى ود بندا وصقع الجمل.
ويشير بابكر إلى أن إعادة تشغيل مطار الأبيض تعني تقليل المسافة الجوية إلى دارفور بمقدار 800 كيلومتر مقارنة بمطار وادي سيدنا، ما يسهم في تعزيز قدرة الجيش على السيطرة الجوية، وفرض رقابة صارمة على مناطق واسعة تمتد إلى جنوب السودان وغرب إفريقيا.
ويضيف :إلى جانب ذلك، فإن فك الحصار يتيح وصول الإمدادات والأسلحة لأكثر من 10 آلاف مقاتل في الأبيض، مما يسهم في تحرير مناطق واسعة من كردفان، ابتداءً من الدبيبات والفولة وكيلك ولقاوة، وصولًا إلى المناطق التي يسيطر عليها الحلو في جنوب كردفان ،كما سيؤدي إلى قطع إمدادات مليشيا التمرد نحو الخرطوم، ويعزز التنسيق مع القبائل الداعمة للجيش، مثل دار حامد وحمر، اللتين تغطيان مساحات شاسعة من شمال وغرب كردفان.
احتفالات عفوية
ما إن تناهت إلى مسامع أهل الأبيض أنباء تحرير المدينة حتى عمّت شوارعها موجة من الفرح لم تشهدها منذ اندلاع الحرب، انفجرت المدينة في احتفالات عفوية، انطلقت من أحيائها العتيقة، حيث علت الهتافات، وتعالت زغاريد النساء في الأزقة والميادين. الأطفال، ببراءتهم، جابوا الشوارع ملوّحين بأعلام الوطن، بينما الشيوخ رفعوا أكفّهم للسماء شاكرين الله على فك الحصار الذي طال أمده.
على وقع الأناشيد الوطنية، تدافعت الجموع إلى وسط المدينة، حيث اختلطت المشاعر بين دموع الفرح وأهازيج الانتصار ،تجمّع الناس أمام المتاجر والمقاهي، يهنّئ بعضهم بعضًا، بينما كان البعض الآخر يرقص تحت أضواء المركبات المتراصة في الساحات.
يوم أمس الاحد ،لم تعرف الأبيض النوم ،ظلّت المدينة مستيقظة على وقع النصر، تستعيد عافيتها بعد شهور من العزلة، تحتضن فرحتها التي انتزعتها بدماء الأبطال، لم يكن هذا مجرد تحرير مدينة، بل كان انبعاثًا جديدًا للحياة في قلب كردفان، وشرارة النصر التي ستُشعل الطريق نحو دارفور وكل بقاع السودان.