عندما قامت المخابرات التركية عام ١٩٩٩ بتعقب تحركات عبد الله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستانى عقب إبعاده من سوريا وقامت باختطافه والقاء القبض عليه في الطريق بين مدينة نيروبي ومطارها وهو يهم باللحاق بطائرة متجهة إلى هولندا وسجنه فيما بعد بجزيرة امرالى على بحر مرمرة كانت طرق ومنعرجات أفريقيا معلومة لتركيا وقبل ذلك مصالحها ليس فقط من واقع وتجارب علاقاتها بدول القارة وتنقل الأسطول العثماني وطرقه السالكة بين مدن وسواحل البحر الأحمر وخليج عدن فحسب بل لتاريخ ممتد كانت من ملامحه اقامه علاقات دبلوماسية عام ١٨٩٦ بين الإمبراطوريتين العثمانية والإثيوبية والتواصل بين السلطان عبد الحميد والإمبراطور منليك الثانى وإقامة اول سفارة تركية مقيمة فى أفريقيا جنوب الصحراء بأثيوبيا عام ١٩٢٦ سبقتها قنصلية في هرر عام ١٩١٠ وسفارة لاثيوبيا مقيمة فى تركيا عام ١٩٣٣ ،وفى التاريخ القريب استضافت إسطنبول مؤتمراً للامم المتحدة حول الصومال عام ٢٠١٠ وزارها اردوغان عام ٢٠١١ لتفقد ضحايا المجاعة في الصومال .. لم تكن الخرائط أمامه وسحنات مسؤولى البلدين الذين وفدوا إلى القصر الرئاسي بأنقرة يوم الأربعاء الماضى بغريبة على اردوغان الذى تمرس على احراز الأهداف الصعبة وهو يقف محاطا برئيس الصومال حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ليعلن عن ” مصالحة تاريخيّة ” قادتها بلاده بين البلدين واتفاقهما على فتح صفحة جديدة قوامها السلام والتعاون بل كان الجديد هو المناخ والتوقيت الذي تمت فيه اذ سبق ذلك ماعد نجاحا لها فى الملعب السورى لتحصد عقبه كسبا أفريقياً آخراً يعزز دورها وصورتها الدولية ويخدم مصالحها الاقتصادية والتجارية , وقد كان مفتاح الاتفاق هو الإقرار وضمان وصول إثيوبيا إلى البحر واعتراف الدولتان بموجب إعلان أنقرة ” بالفوائد المتنوعة ” التي يقدمها ذلك فى أطار احترام سيادة وسلامة أراضي الصومال، وقد حدد الإعلان خطة لمفاوضات فنية تبدأ بحلول فبراير ٢٠٢٥ وتنتهي في غضون أربعة أشهر وصولا للترتيبات والبروتوكولات الثنائية ذات الصلة، و اشاد الصومال كما ورد فى الإعلان ” بمساهمات وتضحيات الجنود الإثيوبيين في بعثات الاتحاد الإفريقي فى الصومال “…اذا كان ضمان وصول أثيوبيا إلى البحر يلبي أشواقها ومصالحها المتعددة فإنه يخدم ايضاً مصالح تركيا الاقتصادية والاستثماريّة حيث تعمل ٢٠٠ شركه تركية في أثيوبيا تنشط في قطاعات مختلفة فى مقدمتها أدوات البناء والصناعات الدوائية والغذائية وقد زادت قيمة الصادرات عن ٢٩٥ مليون دولار عام ٢٠٢٣ وتجاوزت الاستثمارات التركية ثلاثة مليارات دولار بالإضافة لقيام وقف المعارف بإدارة العديد من المدارس التى كانت مرتبطة بتنظيم ” غولن”.. وانتظام سفريات الخطوط التركية لاديس أبابا ضمن مايزيد عن الستين وجهة بافريقيا.. وتحرص تركيا أيضا على تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية والاستثماريّة مع الصومال ولها أيضا حوالي المائتى شركة عاملة بالصومال وفرت فرص العمل والتوظيف لعدد ٣٠ آلف صومالي ،وتركيا هى ثانى اكبر مستثمر اجنبى بعد الصين بتركيز على مجالات الغاز والنفط وأنشطة البنية التحتية وقامت مجموعة البيرق التركية ببناء ميناء مقديشو وأكملت تركيا كذلك بناء مطار مقديشو ، وقد رصدت مبلغ ستة مليار دولار لبناء قاعدة فضائية هناك ، وتتميز الاتفاقية الاقتصادية والامنيه التى وقعتها تركيا مع الصومال مطلع هذا العام باهميتها في تنظيم علاقات البلدين الاقتصادية علاوة على قيام تركيا بموجبها بمسؤوليات الأمن في المياه الإقليمية وجهود مكافحة الأرهاب والتهريب والقرصنة، وتقوم الخطوط الجوية التركية برحلة يومية بين إسطنبول ومقديشو ربطا وخدمة لعلاقات البلدين في كافة المجالات…والى ان تحين عملية استكمال التفصيلات والبروتوكولات المطلوبة بموجب الإعلان والتأكد من أن وصول أثيوبيا للبحر لايقوض سيادة الصومال ووحدته الترابية فان من شأن الاتفاقية خفض التصعيد، كما انها قد تعزز من أسباب الاستقرار والتنمية في اقليم متقلب المزاج وعامر بالمخاطر والتهديدات والتحديات، وقد تؤدي الاتفاقية إلى ردود فعل معاكسة واستعار التنافس بين القوى الإقليمية….ان العالم إذ يترقب مايمكن ان تتركه سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة من تأثيرات على النظم الأقليمية وشبه الأقليمية فإنه لابد أيضا من الإشارة الى ان ” جمهورية أرض الصومال ” غير المعترف بها والتي ادى اتفاق ابى احمد معها الى كل هذه المستجدات قد اجرت انتخابات رئاسية في ١٣ نوفمبر المنصرم فاز بها رئيس جديد هو عبد الرحمن محمد عبد الله من ” حزب وطني ” على الرئيس موسى بيهي عبدى… وسوف ننتظر ايضاً لنرى قراءة رئيس ” صوماليلاند ” الجديد لمايجرى من تطورات…
مقالات ذات صلة
اترك رد