تقرير

جدل حول تبعية القوات المساندة بين الجيش وحركات السلام

تقرير – عزة برس

دخلت الساحة العسكرية والسياسية في السودان مرحلة جديدة من الجدل بعد أن أصدر القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قراراً يقضي بإخضاع جميع القوات المساندة والمتعاونة مع الجيش لقانون القوات المسلحة، والعمل تحت إمرة قياداته الميدانية. القرار، الذي صدر الأحد، اعتبره مراقبون خطوة تهدف إلى إحكام السيطرة على التشكيلات المسلحة التي نشأت خلال الحرب، إلا أنه فجّر خلافاً مع بعض الحركات الموقعة على اتفاقية السلام بجوبا.

خلفية

منذ توقيع اتفاق جوبا للسلام في أكتوبر 2020، ظلت بنود الترتيبات الأمنية ـ خاصة المتعلقة بدمج وتسريح قوات الحركات المسلحة ـ معلقة دون تنفيذ فعلي، وهو ما جعل هذه القوات تحتفظ بوجودها المستقل، بينما تعمل أحياناً في تنسيق ميداني مع الجيش خلال الحرب الدائرة منذ أبريل 2023. ومع اشتداد المعارك، برزت تشكيلات مساندة جديدة مثل “درع السودان” و”البراء”، الأمر الذي دفع الجيش لمحاولة تنظيمها تحت مظلته.

تفاصيل الموقف

حركة العدل والمساواة بزعامة وزير المالية جبريل إبراهيم رفضت القرار، مؤكدة أن علاقتها بالجيش ينظمها اتفاق جوبا فقط. المتحدث باسم الحركة محمد زكريا قال إن قرار البرهان يخص التشكيلات غير الموقعة على اتفاق السلام أو تلك التي نشأت أثناء الحرب، مضيفاً: “صحيح أن ظروف الحرب عطلت الدمج، لكن أولويتنا الآن النصر في المعركة، وبعدها نمضي في تنفيذ الاتفاقية لبناء جيش وطني موحد”.

القيادي بالحركة إدريس لقمة شدد على أن القوات الموقعة على اتفاقيات السلام لديها مرجعيات واضحة في بروتوكول الترتيبات الأمنية، لافتاً إلى أن نصوص اتفاق جوبا تسود على الوثيقة الدستورية حال تعارضهما.

حركة جيش تحرير السودان عبر ناطقها الصادق علي النور، أوضحت أن قرار البرهان يشمل القوات المستنفرة في حرب الكرامة، مؤكداً أن القوات المشتركة تواصل القتال جنباً إلى جنب مع الجيش رغم عدم تنفيذ بروتوكول دمجها بعد.

في المقابل، أعلن مصطفى تمبور، حاكم إقليم دارفور بالإنابة ووالي وسط دارفور، تأييده المطلق للقرار، واعتبره خطوة محورية لضبط التفلتات والسيطرة على انتشار السلاح خارج المنظومة النظامية، مؤكداً أن قواته ستكون في مقدمة الملتزمين بتنفيذه وفق نصوص اتفاق جوبا.

قراءة أولية

قرار البرهان يمثل محاولة واضحة لتقليص الفوضى العسكرية وضبط السلاح عبر مركزية القرار تحت قيادة الجيش. غير أن رفض بعض الحركات، وعلى رأسها العدل والمساواة، يكشف عن هشاشة اتفاق السلام، وتأجيل استحقاقات الدمج والتسريح، ما يفتح الباب أمام مزيد من التوترات في العلاقة بين المؤسسة العسكرية وحلفائها. وفي ظل استمرار الحرب، يبدو أن معركة الصلاحيات لم تعد أقل سخونة من المعركة في الميدان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *