المقالات

خبر وتحليل – عمار العركي إمارات مؤمرات المخابرات الخارجية: قراءة تحليلية 1-2

توطئة :
خطة اعادة رسم خارطة القرن الإفريقي التى انطلقت تزامناً مع عرُف بثورات الربيع العربي ، تمحورت حول تغيير الأنظمة والحكومات والإستعانة بأخرى عميلة تُساعد وتُعين ، مع استمالة وتسخير كل الفاعليين والمؤثرين المحليين ، عبر وسائل تنفيذ الخطة من سياسيات اوثورات او إنقلابات مع توفر العديد من الإمارات والدلائل التى تشير الى تأمر وتورط المخابرات الخارجية تخطيطاً وتدبيراً وإشرافاً بشكل صرف وحصرى ، وبالرغم من مرور عقد ونصف من الخطة ، لم تحقق اهدافها ، انما أفرزت عدم إستقرار واختلالات أمنية وحروب بالمنطقة .

ملخص :
بعد الهزائم العملياتية العسكرية والسياسية والدبلوماسية التي مُنيت بها المليشيا الإماراتية وجناحها السياسي “تقدم”، عادت مخابرات الإمارات لتحريك خلاياها الإستخبارية النائمة والموجودة منذ فترة حُكم الإنقاذ وحتى الآن ، وبذات الإسلحة والأدوات الناجحة والمُنتجة، والتي بدأت بها خطتها في السودان واستعملتها ضد (نظام البشير) بعد اختراقها وتجنيدها للعملاء والجواسيس على كأفة المستويات والقطاعات الفئوية داخل السودان، وتسخيرها في خدمة مشروعها الاستخباري الرامي لاستعمار وحكم السُودان لتحقيق المطامع والمصالح الخارجية.
1. لإيصال الفكرة التحليلية بشكل واضح وجلي، كان لابد من تمهيد وربط سابق للمشهد ولمسرح ما قبل الحرب، بلاحق افرازاتها وتداعياتها الراهنة.
2. قبل الحرب بسبعة أشهر في 10أكتوبر 2022م كنت قد سطرت مقالاً تحليلاً لنشاط ومساعي المخابرات الخارجىة المتدخلة في الشأن السوداني عبر السيناريوهات والواجهات المعروفة، سيناريو الوثيقة الدستورية ، الإتفاق الإطاري ، الورش الخمس بما فيها الاصلاح الأمني وهيكلة الجيش …الخ ، ومن الواجهات في تلك الفترة كانت قحت ، رباعية الترويكا ، ثلاثية فولكر ، المنظمات والهيئات منها الاتحاد الإفريقي والإيقاد ….الخ .
3. في ذاك المقال والذي جاء بعنوان (المخابرات المضادة وجهاز المناعة) كتبنا عن الاستهداف والتدخل المخابراتي الذي يتعرض له السُودان، كتبنا نصاً فرضية التنافس الإستخباري التقليدي ( الإختراق والسيطرة) بين كآفة أجهزة المخابرات الإقليمية والعالمية ، تظل حقيقة ماثلة ضمن ما يُعرف بصراع الحضارات أو لعبة الأمم ، هذا حقيقة و واقع لا يختلف حوله إثنان، أُضيفت لها مؤخراً سباق التنافس و النفوذ والمصالح ، حيث. تظل “الجاسوسية و العمالة والتخابر” ، إحدى أنجع وأسرع الوسائل في تحقيق تلك الاهداف.
4. أنسب التوقيتات والظروف التي يُمكن أن تتم فيها عمليات “التجنيد ، التنشيط ، التفعيل” كالتي تمر بها الدولة السُودانية حالياً من كل النواحي ، حيث يضج المشهد السوداني بفوضى “سياسية خلاقة” ، قد تجعل من السودان مسرحاً لذلك الصراع الإستخباري بوجهيه الإقليمي والدولي، سيما وانه بموقعه الجغرافي الإستراتيجي جعله لقمة سائغة في فك المخابرات الإقليمية والأجنبية.
5. بإستثمار وإستغلال الصراع السياسي الراهن والأوضاع الراهنة عموماً التي بدأت بعد التغيير ومنذ ثلاثة سنوات ، تعاظم الخطر والمهدد الخارجي ، مقابل تقازم وتواضع المكافحة والمقاومة ، وظني في ذلك القصور يعود بالأساس إلى “شيطنة” القوات النظامية كواحدة من كوابح الجوامح وخطوط الدفاع الأول – خاصة الأمنية والإستخبارية منها – وهنا يأتي السؤال المهم ، هل إضعاف جهاز الامن القومي وشيطنته وكف يده وتحديد صلاحياته في جمع المعلومات ورفعها “فقط” منذ “البداية ” ، كان في إطار التمهيد والتحكم والسيطرة على السودان ؟، وإن كان الأمر غير هذا، فبركة وشيطنة سياسية تلاشت وزالت ؟، فلماذا لم تتلاشى وتزول تبعيتها وآثارها الباقية في جسد الجهاز والقوات النظامية المعنية بحماية الأمن القومي وحفظه ؟.
6. بالتأكيد لن يتوانى المتربصون من أعداء السودان في إعادة انتاج سيناريو الحرب على القوات النظامية واستهدافها وشيطنة اجهزة الإستشعار والتنبؤ والإخبار بالنبأ اليقين حال شعرت بأي تحسن طرأ على ادائها – على راسها مؤسسة جهاز الأمن – الذي يتخذ من طائر “الهُدهُد” شعاراً له – قبل فقده أحد جناحيه (الأمن) في الحرب الأولى والتي خاضها إبان فترة الهياج الثوري والعاطفي.
7. في خضم هذا التكالب والتسابق والإستهداف الخارجي يحاول طائر الهُدهُد التحليق مجدداً بجناحه الواحد المعطوب – المخابرات – فمؤخراً وعقب قرارات البرهان في الرابع من يونيو المعروفة ، زادت وتيرة الحراك السياسي والمبادرات السياسية الداخلية، وبالطبع زاد معها التدخل الإقليمي والدولي الإستخباري بنوعيه ” حسُن النية ، وسيئها” ، حيث جرت وتجري محاولات إنعاش وإفاقة طائر الهُدهُد من أجل التحليق في الأجواء المشبعة بالغيوم والضباب السياسي والأمني والمخابراتي، حيث اتوقع ان يكون الإستهداف والجولة الثانية من الحرب القادمة – التي بدأت مؤشراتها اشد ضراوة من سابقتها.
8. لاشك أن أعداء الوطن والمتربصون يدركون جيداً بأن عودة الجهاز – بغض النظر عن التحفظات والإتهامات السابقة واللاحقة والتي لم يتم إثباتها بصورة قاطعة ومقنعة ، بحيث إعتبرها كثير من المراقبين بأنها في إطار التكتيك السياسي – لممارسة دوره الطبيعي والمتعارف عليه بين كآفة الأجهزة الإقليمية والدولية تحول دون صيدِهِم في الماء العكر .
9. إن كان الجهاز قد تجاوز الحرب الأُولى بسلام وإستطاع الإنحناءة أمام العاصفة وإحتساب خسائره “المادية والمعنوية” في سبيل غاية أسمى وهي سلامة وأمن الوطن ، ولأسباب وموانع كثيرة كانت له بمثابة الحصن الحصين.
10. الآن تلاشت تلك الأسباب والموانع والمضادات الحيوية ، فالجهاز لن يقوى او يصمد طويلاً مع هذه الحرب الضروس ، خصوصاً أنه خسِر في المعركة الأُولى أهم خطوط دفاعه الأمامية والخلفية ممثلة في إدارتي (الإعلام والقانونية) ،وأصبح مكشوف “المواجهة” بفقده للإعلام المهني الإيجابي الذي لم يصمد أمام الهجوم الإعلامي المضاد و الممنهج، وكذلك فقده ل “الظهر” بفقده لإدارته القانونية التي حار بها الدليل في ملاحقة السيل الجارف من الإتهامات والدعاوى ، والتي في غالبها مفتعلة بغرض خلخلة وزعزعة اهم دفاعات الجهاز حتى يسهُل الإجهاز عليه لاحقاً.
11. نعم الأمر برمُته يبدو من الوهلة الأولى خلاف وإختلاف مفاهيمي ومبدئي حول الجهاز ودوره وتأثيره خلال الثلاثة عقود ، ولكن لأ أستبعد وجود سيناريو “سياسي إستخباري مضاد” في إطار إستهداف الأمن القومي السوداني .
12. الأمر يتطلب من الجميع رفع درجة الحس الوطني قبل الأمني وتحكيم صوت العقل والمنطق في هذا التوقيت والظرف الذي يمُر به السُودان من تهديد لوحدته الوطنية، وعلى القائمين على أمر مؤسسة الجهاز (الإنتباهة) و (الحيطة والحذر )، وذلك بالتخطيط المهني المدروس لإدارة هذه الازمة ، بعد دراستها جملةً وتفصيلاً ، بما في ذلك أخطاء وسلبيات الماضي لإستشراف المستقبل.
13. بالضرورة بمكان الخروج برؤية وتصور يحقق الاهداف المرجوة وقيام الجهاز بالدور المنوط به دون تكرار الخسائر السابقة ، ودون ترك ثغرة يلج من خلالها المتربصون وأعداء الوطن ، الذين لن يهدأ لهم بال إلا بتحقيق مآربهم وكيدهم ، كادهم الله ووقًى البلاد والعباد من شرهم.

نواصل ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *