*”الاختلاف هو الأصل في يقظة الوعي وتجدد الفكر وتطور الحياة” .. علي حرب ..!
التعميم عن قصد، وتعمد إغفال الدقة، وإهمال بعض التفاصيل عند إطلاق الأحكام على بعض المواقف التي لا تروق لنا أو بعض الأشخاص الذين ينطلقون من قناعات لا نشاطرهم إياها، أو يجاهرون بآراء ليست على هوانا، سلوك عدواني أصيل في ساحات وأروقة – وحجرات وأقبية – الممارسة السياسية في السودان..!
لا توجد كيانات وشخصيات سياسية ديمقراطية في جمهورية السودان الديمقراطية التي يفسد اختلاف الرأي السياسي فيها للود ألف قضية، ولا يوجد اقتناع حقيقي بحق الآخر في أن نراه جيداً وجديراً باحترامنا وتقديرنا على الرغم من اختلافه عنا..!
معاناة الاختلاف هذه تناولها “هربرت جورج وليز” في قصة “بلد العميان”، وصورها “أوجين يونسكو” في مسرحية “الخرتيت”، وأسس لها “كولن ويلسون” في كتاب “اللا منتمي”. وما أكثر الخراتيت والعميان في هذه الحرب، وما أندر اللا منتمين إليهم، وما أشقاهم باختلاف قناعاتهم ورؤاهم..!
لستُ من الذين يكتبون عن الأشخاص على حساب الأفكار، لكنني أحتاج في هذا المقال إلى أن أضرب مثلاً بالدكتور الواثق كمير للتدليل على أهمية الفكرة أعلاه..!
الجمال والجلال اللذان يكللان مساهمات د. الواثق كمير في العمل العام والتي ينطلق فيها من مواقف وطنية حقة وضمير حي – بلا أجندة سياسية وبلا أطماع سلطوية – والهجوم الذي يتعرض له أحياناً – لأنه ليس مع هؤلاء أو ضد أولئك – شأن عام يستحق الوقوف وظاهرة سياسية تستحق الدراسة..!
منذ قدومي إلى القاهرة بعد أسابيع من اندلاع هذه الحرب وحتى اليوم وقفتُ على الأدوار الوطنية المُهمة والشاقة التي يشهدها صالون د. الواثق كمير بضاحية المعادي في خدمة قضايا هذا السودان وأهله..!
وقد كنت ضمن بعض الكتاب والصحفيين الذين شاركوا في اجتماعات العصف الذهني الخاص بكتابة وصياغة رؤيته لسودان ما بعد الحرب، التي تعول في نهوضها بالوطن – بعد انتهاء الحرب – على التأسيس عوضاً عن الانتقال، والتي تبنتها قيادة الدولة من خلال خطاباتها في عدة مناسبات..!
مبعث الندرة والتفرد في مواقفه أنه ظل عصياً على التصنيف السياسي أو الجهوي أو الثقافي الذي تخضع له قوائم الفريقين في هذه الحرب، وعلاقاته ممتدة وطيبة مع كل فئات المجتمع السياسي والإعلامي، مع زهده التام في أي منصب حكومي أو سياسي مهما علا شأنه..!
لدكتور الواثق موقف وطني مشرف داعم للجيش ومندد بموقف الدعم السريع، مع حياد وطني ونزاهة سياسية في مواجهة مختلف القوى السياسية، ومع ذلك كثيراً ما يواجه بالنقد والتشكيك الذي يطال مواقفه الداعمة للتوافق الوطني..!
عندما لبى دعوة حضور اجتماع القوى السياسية الداعمة للجيش الذي انعقد بالقاهرة قبل فترة انتقده بعض المنتمين والموالين لقوى الحرية والتغيير واتهموه بمحاباة الفلول..!
وعندما لبى دعوة المشاركة في مؤتمر القوى السياسية والمدنية الذي أقيم بالقاهرة قبل أيام وشاركت فيه تقدم انتقده بعض الإسلاميين واتهموه بمحاباة الجناح السياسي لمليشيا الدعم السريع..!
وكأن شعار القوى المدنية السودانية على الضفتين في هذه الحرب ولهذه المرحلة هو عجز بيت نزار الشهير “لا توجد منطقةٌ وسطى ما بين الجنة والنار”..!
بلى، توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار تسمى الأعراف، يطلع أهلها على نعيم الجنة وعذاب النار، ثم يدخلهم الله الجنة!.
munaabuzaid2@gmail.com