الخرطوم _ عزة برس
تحصلت (الانتباهة) على معلومات جديدة حول احباط تهريب اضخم شحنة كبتاجون بمطار الخرطوم. واشارت المعلومات الواردة الى ان الشحنة هى الاضخم من نوعها فى تاريخ مطار الخرطوم، حيث بلغت زنة الشحنة (7) اطنان و (814) كيلوجراماً من (البيبا)، فى وقت بلغت فيه جملة العقاقير المهربة التى استخرجت كاملة من الشحنة حوالى مليون و (560) الف حبة كبتاجون، فيما تعرضت كميات تفوق المليون ونصف المليون حبة للتلف جراء المادة الصمغية التى تم الصاقها بها. وعلمت الصحيفة ان قوات جمارك المطار ظلت تعمل لـ (24) يوماً كاملة الى ان تمكنت من اخلاء تلك الحبوب من الشحنة وحصرها وتجميعها فى اكياس.
وفى ذات السياق اقر المتهم السورى بأن الشحنة تخصه، واكملت نيابة الجمارك التحقيق فى ملف القضية واحالته للمحكمة.
أصل المعلومة
لعبت ادارة المخاطر واستخبارات الجمارك وقوات جمارك مطار الخرطوم دوراً كبيراً فى اكتشاف الشحنة، حيث اشارت المعلومات الواردة الى ان ادارة المخاطر رصدت تحرك الطائرة التى أقلت الشحنة من دولة لبنان، وتحركت من مطار لبنان والشحنة على متنها، وتوجهت الى دولة ساحل العاج (كوت ديفوار) ومنها الى دولة الامارات، ثم الى الخرطوم كخط سير نهائى.
والرحلة بحسب قراءات الجمارك طويلة بالنسبة للشحنة مما يعنى انها غير مربحة، وهذا ما زاد فرص الشكوك حول الشحنة، وكثفت جمارك المطار شكوكها واستدعت حاستها الامنية، وظلت تراقب عن كثب الشحنة وتواصل رصدها الى ان حطت بمطار الخرطوم.
وتم انزال الشحنة بطريقة عادية، ولكن كانت جمارك المطار وقوات استخبارات الجمارك ترقب عن كثب، وكانت توجيهات الادارة العليا لجمارك المطار بان تتم احالة عينات من الشحنة للفحص المعملى، وبالفعل احيلت عينات من الشحنة لمعامل الجمارك، وجاءت النتيجة لتؤكد ان المادة المضبوطة هى كبتاجون.
السر الكبير
وفور تلقى النتيجة وضعت جمارك المطار خطة للقبض على صاحبها الحقيقي، وان يتم ذلك تحت رقابة دقيقة وبمهنية عالية، مع الاحتفاظ بذلك السر الكبير وهو سر النتائج المعملية بين المدير وشخصين فقط من عناصر الاستخبارات، وتم العمل بمهنية ولكن لم يتقدم اى شخص لاستلام الشحنة وظلت في مكانها لايام، وحينما شعر صاحبها رجل الاعمال السورى بأن بضاعته لا احد ينظر اليها ولم ينتبه لها احد، قرر تخليصها ودفع بمخلصين للتخليص، وبالفعل شرع المخلصون فى عملهم وذلك تحت رقابة تامة، وفى هذه المرة قررت الجمارك ان تعمل بقاعدة (التسليم المراقب)، وبالفعل اعدت العدة لذلك ووضعت خطة من عدة محاور لذلك، وكان لا بد ان تمر الشحنة من بين يدى الجمارك وتكملة كافة الاجراءات بتغافل متعمد حتى يتسنى للجمارك ضبط المتهم الاصلى صاحب البضاعة، لتحقق نصراً غير مسبوق يهدف للايقاع باذرع المافيا العالمية بالسودان التى تخطط لتدمير شباب السودان عبر ترويج مثل هذه السموم.
ساعة الصفر
وتم تحديد وقت ليصبح ساعة الصفر، وفيها يتم الاطباق على المتهم واستلامه وايداعه الحراسة، حيث قامت الخطة على ضرورة القبض بهدوء ودون مقاومة او لفت انظار، مع ضرورة التأكد من الذين سيتم القبض عليهم هم افراد المافيا الحقيقيون.
وكان السورى يجرى اتصالات متعددة بالمخلص، وهو يسأل بقلق عن شحنته وما اذا كانت مرت من قبضة الجمارك، فكان المخلص يطمئن السورى المتهم فى كل اتصال، الى ان شعر بالراحة وانتفى القلق وبشره المخلص باكتمال عملية التخليص، وان عليه دفع مبلغ التخليص كاملاً لتسليمه البوليصة الخاصة بالشحنة حتى يتمكن من وضعها فى قبضته دون اية مساءلة.
ففرح السورى وقام بتحديد موعد، وكان هذا الموعد العاشرة صباحاً، وهنا تحمست القوة وهى تراقب عن كثب، وحددت ساعة الصفر عند العاشرة صباحاً، ولكن فى الوقت المحدد اجرى المخلص اتصالاً هاتفياً بالسورى ليسأله عن اسباب تأخره، ففاجأه السورى بتغيير مكان التسليم والتسلم لمكان آخر، وبالفعل تحرك نحوه المخلص، وكانت استخبارات الجمارك تسابق الزمن، وفى كل مرة كان يتم تعديل الخطة وتتغير اساليب المراقبة ويتحرك المخلص الى الموقع الجديد المحدد، ولكن فى هذه المرة لم يحضر ايضاً، وهنا تيقنت قوات الجمارك من ان هذا التصرف لا يتأتى الا من زعيم عصابة ذكى ويعمل وفق معايير عالمية وافكار خطيرة، مما يؤكد ان السورى هو زعيم القصة.
لحظة السقوط
وظل السورى يتلون فى كل مرة ويغير موقعه مراراً وتكراراً، وفى الاخير كان الموعد فى المطعم السورى وذلك قبيل اذان المغرب بدقائق، وهنالك سلم المخلص السورى مستنداته مكتملة وطالبه بدفع نفقات عملية التخليص، وقام السورى على مضض بتحويل مبالغ مالية له عبارة عن استحقاقه، وقام بالفعل بتحويلها له من هاتفه عبر تطبيق بنكك، وتسلم المخلص امواله وغادر الموقع، ولكن السوري كان فى هذه اللحظة فى موعد مع قوات جمارك مطار الخرطوم التى أطبقت عليه فى ثانية وقبل ان يعتدل فى جلسته.
واحيل الى نيابة الجمارك، وهنالك تم اخضاعه للتحقيق، واقر بان الشحنة تخصه ولكنه افصح بانه لا يرغب فى العودة الى بلاده، وبالتحرى وجمع المعلومات اتضح انه احد اخطر عناصر مافيا المخدرات العالمية، وانه مطلوب على ذمة قضايا كبيرة، وان عقوبته ستكون الاعدام رمياً بالرصاص فوراً، ولكن هنا تبين انه احد اخطر ثلاث شخصيات سورية تربطه بها صلة ومتورطة فى ادخال اضخم شحنات الكبتاجون فى السودان، وان له صلة بشحنة الكبتاجون التى دخلت البلاد أخيراً عبر حاوية معدات نظافة، وان المتهم السورى المذكور احد اخطر عناصر تدمير الشباب فى العالم، واكملت التحريات واحيل ملف القضية للمحكمة، وستبدأ محاكمته في نهاية هذا الاسبوع.
ومنذ ضبط الشحنة ظلت قوات جمارك مطار الخرطوم فى عمليات تهشيم وتفكيك لاجزاء (البيبا) المهربة وهى نوع من انواع المنهولات، وشرعت اللجنة المكونة فى اعمال تكسير وتهشيم واستخراج للمخدرات وفرزها وعدها وحصرها وتجميعها فى اكياس، واستغرقت العملية (24) يوماً كاملة، وكانت عملية مرهقة ومتعبة بذلت فيها القوة جهداً كبيراً، واستطاعت ان تتحصل من داخل الشحنة على نحو مليون ونصف المليون حبة وستين الف حبة كاملة، بينما الاعداد التى التصقت باجزاء البيبا واللواصق كانت اضخم من ذلك بكثير ويفوق عددها مليوناً ونصف المليون حبة، بجانب كميات تهشمت واخرى اصبحت طحيناً.
وخلفت عمليات التهشيم اطناناً ضخمة من النفايات امتدت على طول خمسة امتار، وستتم ازالتها بعد ان تصدر المحكمة قرارها بشأن تلك النفايات التى يصعب حملها.
شحنات مماثلة
وتعتبر الشحنة المضبوطة بمطار الخرطوم هى الاضخم من نوعها على مر تاريخ مطار الخرطوم. وبحسب المعلومات فإن الشحنة المذكورة هى الثانية من نوعها التى تأتى عبر طيران الى البلاد، وهذا يشير الى خطورة تنامى عصابات المخدرات، وسبقت هذه الشحنة شحنة احضرت فى عام 2019م عبر طائرة اوكرانية الى مطار الخرطوم، ولكن لم تتمكن المافيا وقتها من انزال الشحنة بمطار الخرطوم، فغادرت الطائرة محملة وانزلت الشحنة بمهبط آخر بشمال ام درمان، وبلغت الشحنة وقتها (14) طناً من الحشيش الافغانى، وكانت الطائرة قادمة ايضاً من دولة افريقية وانزلت هنالك، ووقتها تم حجز الطائرة لفترة ولكن على نحو مفاجئ افرج عن الطائرة وطاقمها، وبعد السقوط لم يعد احد يذكرها ولا كيفية دخولها او الجهات التى تورطت فى ادخالها الى داخل البلاد.
وتلك الشحنة تورط فى دخولها ايضاً سوريون ضبطوا واحيلوا للمحاكمة، وافرج عن اخطر عناصر المافيا العالمية ابان جائحة (كورونا)، وعادت ذات المافيا لتمارس انشطتها.
معلومات حول المافيا
وبحسب المعلومات التى تحصلت عليها (الانتباهة) فإن مخدر الكبتاجون تحديداً لا يتم تصنيعه فى اية دولة من دولة العالم عدا ثلاث مناطق في العالم، وجميعها تقع تحت سيطرة مجموعات شيعية متشددة او مجموعات ارهابية، حيث توجد مصانع الكبتاجون في دول الهلال الخصيب (سوريا ولبنان) وتحديداً بمنطقة الشيعة فى سوريا، وكذلك في مناطق تقع تحت سيطرة حزب الله فى لبنان، وايضاً في مناطق تقع تحت سيطرة حركة بوكو حرام النيجيرية التى يتسرب منها عبر البر الى افريقيا الوسطى ومنها الى داخل السودان، اما المافيا السورية واللبنانية فهى تقوم بارساله بكميات ضخمة، مع الاخذ فى الاعتبار ان المصانع التى تقوم بتصنيعه فى نيجيريا يعمل فيها خبراء سوريون ولبنانيون هم ذاتهم الذين يقومون بالتصنيع فى لبنان وسوريا، وهم اصحاب الوصفة الاساسية للكبتاجون، وسبق ان حاولوا انشاء مصنع للكبتاجون فى السودان فى جبل اولياء، الا ان السلطات كانت اسرع والقت القبض عليهم جميعاً.
وبحسب المعلومات الواردة فإن شحنة الكبتاجون المذكورة التي فاقت (7) اطنان و (814) كيلوجراماً وضبطتها ادارة جمارك مطار الخرطوم، هى من ضمن الشحنات التى تورطت فيها اذرع (شيعية) وعناصر من حزب الله بلبنان، واشارت المعلومات الى ان الشحنة المذكورة تم تصنيعها فى مصانع بلبنان تحت سيطرة حزب الله بحسب الوثائق التى تشير الى بلد المنشأ، وبعدها تم تسريبها عبر طائرة الى ساحل العاج ومنها الى الامارات قبل ان تصل الى مطار الخرطوم حيث المقصد الاخير لها.
وبعدما أغلقت المملكة العربية السعودية حدودها البرية الجنوبية وتحديداً من ناحية جازان مع اليمن، كانت بذلك قد قطعت الطريق امام عصابات المخدرات مما اضطرها للاتجاه صوب السودان، حيث اصبحت كل العصابات تقوم بارسال شحنات المخدرات الى السودان عبر البحر الاحمر وعبر مطار الخرطوم، حتى ان انظار المافيا الكولمبية اتجهت صوب السودان، وسبق ان ضبط هيروين مخبأ داخل شحنة (ثرامس) قادمة من البرازيل، وبحسب المعلومات وقتها فإن الشحنة من كولمبيا نقلت الى البرازيل ومنها الى السودان، ولكن الجمارك ضبطها آنذاك.
ولن تترك مافيا المخدرات السودان ما لم يتخذ السودان اجراءات صارمة للحد من حركة اذرع تلك المافيا بالسودان، والعمل على بترها نهائياً واجتثاثها من خلال اصدار احكام رادعة والابعاد مباشرة من السودان الى دولهم وحظر دخولهم البلاد نهائياً.
المصدر: الانتباهة/ هاجر سليمان