
الجالية السودانية بالامارات كأندية جاءت معظم مواقفها سالبة ، وذلك بسبب القيود التي فرضتها الأنظمة الأساسية التي ترغمها على الإنضواء تحت سلان مجلس إدارة النادي السوداني بدبي باعتبارها فروعا له ، ولكنها كأفراد وكتل حاولت جهدها إنقاذ مايمكن إنقاذه غير أن إبعادها من الحدث كان مقصودا ، ووجدت مضايقات لاحدّ لها ، غير أن معظم أفرادها تواثقوا على التّحدي وإنقاذ سمعة البلاد في حدث ضم 93 دولة ، وزائرنا لايعرف خلافاتنا ولكنه يحكم علينا بمايرى ، والسبب الثاني هو أنه كان من المفترض وفق تاريخنا ووضعنا في دولة الإمارات أن نكون أول من يقف معهم لاستقبال هذا الكم الهائل من الضيوف وأن نكون كوزير العريس ( الإشبيل ) في الحدث ، ولكن جناحنا كان من أضعف وأسوأ الأجنحة رغم أن دولتنا هي الأكثر خبرة في فعاليات معرض اكسبو الذي شاركت في معظم نسخه منذ تأسيسه إن لم تكن كلها ، ولكن الخبرة لم تبين ، وظللنا في صراعات متواصلة بعدما أغمض المسؤولون عن الجناح وعلى رأسهم المفوض ووزارتي التجارة والمالية ومجلس الوزراء ولجان محاربة الفساد ، أعينهم عن الحقائق وعن الانتقادات اللاذعة واليومية التي ناءت بها صحفنا السودانية ومواقعنا الإسفيرية ، فالفاسد لايحارب فاسدا كما اتضح ، وملايين الدولارات التي خرجت من خزينة الدولة رغم عسر الظروف في ذلك الوقت إضافة للمبالغ المجهولة التي تم جمعها من الرعاة الذين تعاقبوا على الحدث خلال الست أشهر التي احتوته والتي لايعرف أحد قيمتها خاصة وأن المشرفين على الجناح صنعوا ختما غير الختم المصدّق من الدولة وباتوا يكاتبون الرعاة ويختمون به الرسائل وربما الفواتير إن وجدت ، وقد ميّزت في كتاباتي بين اللجنة الرسمية الموفدة من قبل وزارة التجارة ، واللجنة التي تغوّلت على الجناح وأطلقت عليها اللجنة السفاح لأنني أرى أن ميلادها جاء سفاحا لاشرعيا .
أما مسؤولي الدولة الذين أدمنوا زيارة جناحنا في إكسبو والوقوف عليه ، فقد كانوا يأتون فقط إلى دبي للتسوّق والترفيه لدرجة أن أحدهم لم يجد الوقت لزيارة الجناح الذي قدم من الدولة بسببه وحمل معه مخصصات الزيارة ، وعاد دون أن يراه !!.
وابتدع المفسدون بدعة المنسقات اللاتي يسبقن الوفد للتنسيق لزيارته بمخصصات هائلة من الدولة وهن لاينتمين للوفد ومعظمهن لايعملن موظفات في الحكومة ، ولايعرفن في الإمارات غير أسواق الذهب والملابس ومواقع الجملة في الأسواق .
وقد خاطبت القنصل أحمد عبدالرحمن والمفوضين الثلاث نبوية ووليد ومها ود/ الأمين جعفر والسفير الكارب والسفيرين مصفى الشريف وابراهيم الحاج وقطب الجالية علي اسماعيل والمصممة سارة والاعلامية شادية الجنيدابي برسائل لكتابة رؤيتهم حول أدوارهم وماقاموا به وقلت لهم في الرسالة التي سأرفقها ضمن الوثائق أنني ساضمنها في الكتاب دون أن أدخل عليها حرفا حتى لايكون هناك أيّ تجني عليهم في كتاباتي ، وحتى يحكم القاريء على الحدث من زوايا مختلفة ، وبكل اسف لم يستجب معظمهم .
الكثير الكثير سنتناوله في هذا الكتاب الذي حرصت فيه على أن لا يدخل أي هوى شخصي ولا مجاملة ولاحياد عن قول الحقيقة ، فنصب عيني وأنا اكتب بيت الشعر القائل :-
ومامن كاتب إلا سيفنى ويبقي الدهر ماكتبت يداه
فلاتكتب بخطّك غير شيء يسرّك في القيامة أن تراه
فالله وحده من وراء المقصد وبالتأكيد مهما طال العمر فسأموت ويبقى الكتاب ، ولا أريد أن يحاسبني الله بأي خطأ أو جنوح أو تجنّي ، والله من وراء المقصد .
المؤلف
تمهيد
خالفني كثيرون الرأي في بداية كتاباتي المتسلسلة عن إكسبو والتي بدأت قبل انطلاق فعالياته وانتهت بختامها لتشكّل توثيقا أسبوعيا ورقابة دائمة ، غير أن معظمهم ما أن زار جناحنا ( المكسور ) في اكسبو بعد انطلاق الحدث ،حتى تغيّر انتقاده لي لانتقاد للجناح والعقلية الغريبة التي كانت تديره ، وكانت الصدمة أكبر العناوين البارزة لأيّ زائر سوداني لجناحنا خاصة عندما يزور أجنحة الدول الاخرى التي بلغ عددها 193 دولة معظمها حديث عهد بالمشاركة في الحدث ونحن من قلائل الدول التي لم تغب عن مشاركة من مشاركات اكسبو عبر تاريخه الطويل .
ربط :-
ما أن رفض المفوّض الأسبق لإكسبو بالسفارة السودانية في أبوظبي (وليد ) طلب السفير (الكارب) إطلاع صبية لجنة المساندة على ملفات مشاركة السودان في معرض اكسبو دبي 2020 وتسليمهم لها ، حتى بدأت الصراعات المكتومة حول الملف تظهر للعلن ، فالمفوض وليد كان رأيه أن الملف ملف حكومة ، وهؤلاء الصبية المجهولي الخلفيات لاعلاقة لهم به ، غير أن أولئك الصبية سرعان ما خلعوا قناعهم وكشّروا عن أنيابهم ، ولم تمض سوى أيام قليلة جدا على وعيد أحدهم حتى تم توجيه تهم للمفوّض وليد من جانب لجنة إزالة التمكين بالخرطوم ، وتم بتره من وزارة الخارجية كلها وليس ملف إكسبو وحده بحجة انتمائه للنظام السابق ، وخاف الكل على ذيله ، ومن هنا وضعت لجنة المساندة والدعم او ( اللجنة السفاح ) يدها على الملف الذي خرج فعليا من يد سلطات الحكومة وأصبحت إدارته الفعلية منذ ذلك الوقت في يد فئة حزبية معينة بالخرطوم ، وتنفيذه في يد اللجنة السفاح بالإمارات والادارة الشكلية الكاملة في يد الحكومة التي تسوّل الملف بين وزاراتها حتى استقرّ في وزارة التجارة التي ورثت الملف دون أن تكون لها السلطة في كامل ادارته .
هذا جانب بسيط من جوانب الصراع المحتدم حول الملف الذي خسرناه خسارة فادحة ، فالخسارة المالية تجسّدت في المغالطات الدائرة حول مبلغ يقارب الست مليار دولار غير الرعايات المجهولة العدد والقيمة ، وموظفين ووفود وفتيات وسيطات (منسقات ) ، ومبالغ ضخمة تم إنفاقها عليهم من خزينة الدولة ، إضافة لرواتب من تم ابتعاثهم لادارة الحدث في مختلف مراحله ومخصصات أسفارهم ، زائدا على شبهات الفساد التي لازالت في انتظار نتائج مختلف التحقيقات لاثباتها أو نفيها ، وخسارة الصفقات التي كنا نأمل ابرامها من خلال المشاركة ، ووجدنا أنفسنا نبرم صفقات وهمية وديكورية لم يدخل منها لخزينة الدولة حتى كتابة هذه السطور مليما واحدا ، وخلق خلافات حادة في جسم الجالية التي تم استبعادها من الملف تماما بواسطة اللجنة السفاح ، ومن المضحك المبكي أن ادارة الجناح حينما اشتدّ عليها الضغط والانتقادات بدلا من ان تقوم بالتصحيح كانت تحاول تكذيب الحقائق واثبات العكس مما زاد من استنزاف الخسائر ،لأن معظم ردات فعل ادارة الجناح في اثبات نجاحها كانت صفقات وتوقيعات لشركات تأتي كلها من داخل الخرطوم لتوقّع مع بعضها البعض في اكسبو وتتحمل نفقات أسفار لاداعي لها أصلا .
ورغم الانتقادات التي انبرى لها مختلف قطاعات السودانيين الذين زاروا الجناح سواء من الاعلاميين او غير الاعلاميين ، وحتى الزائرين من خارج الامارات سواء من داخل السودان أو خارجه انتقدوا الحدث كماسيرد فيما بعد ، ليصبح بذلك من أكثر نسخ مشاركة السودان في اكسبو تعرضا للنقد وعناد الادارة ، فالمعركة بين ادارة اكسبو التي جاهرت بمعاداة الاعلام منذ البداية وقررت العمل بسرية تامة في حدث مملوك للدولة ، كان من أفدح الأخطاء التي ساهمت في فشل المشاركة ، فالمفوض العام نبويه محجوب ، ومن زاوية رؤيا شخصية نجدها انسانة مهذّبة وهادئة ودمثة الأخلاق في تعاملها وتمنح الكل إحساس الأمومة وتوزع بنفسها الشاي والضيافة على الحاضرين للفعاليات التي تقيمها ، ولم أشك بيني وبين نفسي لحظة واحدة في نزاهتها ، ولكني مقتنع تماما بأنها عجزت عن إدارة الملف ، ولم تبرز أية رؤية واضحة ، وربما كانت مكبلة بالعقد المبرم مع اللجنة السفاح بتوقيعها ، وسنأتي على ذكر ذلك بالتفصيل ، ولكن مسيرة الفعاليات استمرت كالجمعيات الأدبية في مدارس زمان ، وكثير من الفعاليات كانت ترد شكاوى من اناس يقولون أنهم تقدموا بها للجنة السفاح فقامت بسرقتها وتنفيذها بطرق متعجلة ومشوّهة ، واول السرقات فضحها صاحب اللوحات التي تعلقت على جدران الجناح والتي تم نسخها من الكمبيوتر دون مراعاة لمناسبتها ولا للحقوق ، وتم وضعها بلا رؤية ، وكانت صورة حمارين يتجهان نحو جبل تعلو صورة قبّة المهدي ، وشعار الجناح ( أرض الفرص اللامتناهية ) كان شعارا فهمته اللجان المسؤولة عن الجناح والمرتبطة به أنه يخصها وحدها دون سائر البشرية وادارت الجناح على هذا الأساس ، وخارطة السودان التي تشكّل جزءا لايتجزأ من شعار الجناح تم رسمها بتدرج لوني يفصل الشرق عن الغرب في رمزية لها دلالاتها العظيمة في ذلك الوقت الذي يشهد فيه الشرق والغرب اضرابات وموت وإغلاق ومواجهات دامية .
ونواصل غدا …