الأخبار

قوة مشتركة بين ديبي وحفتر… تنسيق حدودي أم إعادة تشكيل نفوذ إقليمي؟

:
وكالات – عزة برس

في خطوة تُعدّ من أبرز التحركات الأمنية الإقليمية خلال الفترة الأخيرة، أعلنت كلٌّ من تشاد والقائد العسكري الليبي خليفة حفتر الاتفاق على تشكيل قوة عسكرية مشتركة بهدف تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والتهريب وشبكات الاتجار غير المشروع. ويأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه منطقة الساحل والصحراء حالة من الاضطراب الأمني وتزايد نشاط الجماعات المسلحة عبر الحدود.

أهداف معلنة… وتحديات معقدة

بحسب ما أفادت به مصادر من الجانبين، فإن القوة المشتركة ستعمل على تعزيز المراقبة الحدودية ومكافحة الهجرة غير النظامية والحد من تحركات الجماعات الإجرامية التي تستغل المساحات الصحراوية الواسعة بين البلدين. وتشير التقديرات إلى أن المنطقة تُعد واحدة من أكثر النقاط هشاشة أمنياً في شمال أفريقيا، حيث تتمدد شبكات تهريب السلاح والمهاجرين عبر طرق غير خاضعة للرقابة.

ورغم وضوح الأهداف العامة، لم تُعلن حتى الآن تفاصيل دقيقة حول حجم القوة أو هيكلها القيادي أو مستوى مشاركة كل طرف، وهو ما يترك مجالاً واسعاً للتكهنات حول طبيعة المهام التي ستتولاها على الأرض.

سياق إقليمي متغيّر

يأتي التحرك في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية التي تواجهها تشاد، خاصة بعد سلسلة هجمات شنّتها مجموعات مسلحة عبر الحدود، إضافة إلى محاولات بعض الفصائل التشادية المعارضة استخدام الجنوب الليبي نقطة ارتكاز لوجستية.

في المقابل، يسعى حفتر منذ سنوات إلى فرض نفوذه على كامل الجنوب الليبي، الذي يُعد بوابة استراتيجية نحو عمقه العسكري والاقتصادي. تشكيل قوة مشتركة مع نجامينا يفتح أمامه هامشاً أوسع لتعزيز السيطرة وإعادة هندسة التحالفات في المنطقة.

التعاون الحدودي… بين الأمن والسياسة

يرى مراقبون أن الخطوة تحمل بُعدين أساسيين:

1. بُعد أمني:
يهدف إلى إحكام السيطرة على مناطق ظلت لفترة طويلة مسرحاً للتهريب والجريمة المنظمة، خاصة في المثلث الحدودي بين ليبيا وتشاد والسودان.

2. بُعد سياسي واستراتيجي:
قد يسهم في إعادة توزيع موازين القوة في الجنوب الليبي، خصوصاً مع تنامي التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ في المنطقة. بعض المحللين يشيرون إلى أن التنسيق الجديد قد يكون جزءاً من ترتيبات أوسع ترعاها أطراف دولية تسعى إلى الحد من توسع الجماعات المتشددة وتحجيم التدخلات المتضاربة.

تساؤلات مفتوحة

رغم الترحيب المبدئي بالخطوة، تبقى عدة أسئلة دون إجابة:

ما هو الإطار القانوني الذي ستعمل في ظله القوة المشتركة؟

كيف سيتم ضبط قواعد الاشتباك والتنسيق بين قوتين تخضعان لسلطتين سياسيتين مختلفتين؟

هل ستحظى القوة بدعم دولي لوجستي ومالي، أم ستقتصر على موارد محلية؟

والأهم: هل ستسهم فعلاً في تعزيز الأمن أم ستفتح الباب أمام تحالفات جديدة قد تزيد من تعقيد المشهد الإقليمي؟

المرحلة المقبلة

تشير المعطيات إلى أن الفترة القادمة ستشهد مزيداً من الاجتماعات الفنية بين الجانبين لتحديد هيكل القوة وآليات انتشارها، قبل الشروع في تنفيذ عمليات ميدانية مشتركة في المناطق الحدودية. وفي ظل حالة السيولة الأمنية في الصحراء الكبرى، قد يشكل هذا التعاون نقطة تحوّل حقيقية — أو مجرد حلقة جديدة في سلسلة ترتيبات أمنية لم تغيّر المشهد إلا جزئياً خلال السنوات الماضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *