
رصد _ عزة برس
في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في شرق إفريقيا، كشفت تقارير دولية عن قيام شركة إماراتية تُدعى “OBC” (Ortello Business Corporation)، بالتعاون مع الحكومة التنزانية، بتنفيذ عمليات تهجير قسري لعشرات الآلاف من شعب الماساي لإخلاء أراضيهم في منطقة لوليوندو شمال تنزانيا، وتحويلها إلى منتجع صيد خاص مخصص لشخصيات إماراتية بارزة.
ووفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية ووسائل إعلام بريطانية مثل الغارديان وذا إيكولوجست، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي وحرق المنازل والمواشي لإجبار السكان الأصليين على مغادرة أراضيهم التي عاشوا فيها لأجيال. ووُصفت الحملة بأنها شكل من “التطهير البيئي” أو “الاستعمار المالي الجديد”، حيث يُستبدل السلاح بالمال ويُستخدم الاستثمار كغطاء للسيطرة على الأرض والموارد.
وفي الوقت الذي تشهد فيه تنزانيا هذا النوع من “التنمية المفترسة”، يجد المراقبون أوجه تشابه مقلقة مع المشهد السوداني الحالي، حيث يتقاطع المال الأجنبي مع الصراع المسلح في إعادة رسم خريطة النفوذ على الأرض. فكما استُخدمت “الاستثمارات” في تنزانيا لإعادة هندسة الجغرافيا السكانية، فإن الحرب في السودان فتحت الباب أمام شركات وكيانات إقليمية تسعى للسيطرة على المناجم والأراضي الزراعية والممرات التجارية تحت عناوين اقتصادية ظاهرية.
ويحذر خبراء من أن تكرار نموذج تنزانيا في السودان — عبر ما يُعرف بالاستحواذ القسري على الموارد تحت مظلة “التعاون” أو “الاستثمار” — قد يقود إلى نتائج كارثية على الهوية السكانية والتنوع الثقافي، خاصة مع تفكك الدولة وضعف الرقابة.
فما بين التهجير بالعنف في الفاشر والتهجير بالمال في لوليوندو، يبدو أن خريطة إفريقيا تعيد رسم حدودها هذه المرة لا بالحروب وحدها، بل بـ”رأس المال المسلح” الذي لا يفرّق بين الاستثمار والاحتلال.











