تقرير_ محمد جمال قندول
تحاول الميليشيا تسييس الطلاب الذين سجلوا لأداء امتحانات الشهادة السودانية وتكفلت الحكومة بترحيلهم وإعاشتهم طوال أيام الامتحانات، حيث منع التمرد الطلاب من مغادرة دارفور لمكان انعقاد الامتحانات بالولايات الآمنة.
وكانت وزارة التربية قد حذرت من حملةٍ ممنهجة تستهدف إعاقة قيام امتحانات الشهادة السودانية في موعدها المحدد وذلك في بيان.
عرقلة الامتحانات
وكشف مدير الإعلام بالإنابة بوزارة التربية والتعليم عبد الرحمن النجومي عن حملة قد بدأت لإعاقة قيام الامتحانات وعرقلتها، والتأثير في نفسية الطلاب، والتشكيك في قدرة الدولة على انعقادها بحججٍ واهية، واستغلال ذريعة النواحي النفسية للطلاب الذين لم يتمكنوا من الامتحان، وحجة أن ذلك يقود إلى تقسيم البلاد متناسين كل هذه الجهود.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار قد ذكر أمس لدى مخاطبته ببورتسودان لقاءً لتحالف سودان العدالة (تسع)، أنّ دولة تشاد حرمت 13 ألف طالبٍ أغلبهم من اللاجئين الذين شردتهم الحرب.
ومن المعروف أنّ دولة تشاد من الدول التي برزت داعمة لميليشيا الدعم السريع منذ أن تمردت في الخامس عشر من أبريل العام الماضي.
مدير الإعلام بالإنابة بوزارة التربية والتعليم عبد الرحمن النجومي، تحدث في بيانٍ أمس وقال إنهم يتحدثون عن طلاب ولايات دارفور ويتناسون أن أغلبهم قد نزحوا إلى مناطق آمنة، وسجلوا للامتحان خلال فترة الأربعة أشهر الماضية، وبعضهم سجل في الولاية الشمالية وفي مراكز خارجية في دول الجوار خاصة تشاد، وولاية النيل الأبيض، وكل الولايات الآمنة التي تفرقوا بها، ومتناسين كذلك طلاب الجزيرة والخرطوم وسنار، الذين شردتهم الحرب وقد تم حصرهم في الولايات الآمنة، وزاد: هؤلاء الذين يتحدثون ليس هدفهم مصلحة الطلاب كما يدعون، بل هدفهم عرقلة الامتحانات ويريدون وقف إطلاق النار وهدنةً أيام الامتحانات بغرض تشوين الميليشيا وإعادة تموضعها بعد الانتصارات التي حققها الجيش، بعد أن فشلت محاولاتهم عبر النواحي الإنسانية.
وأضاف قائلًا: “إن كان هدفهم مصلحة الطلاب لماذا منعت الإدارة المدنية طلاب وسط دارفور من الذهاب إلى الشمالية لأداء الامتحان؟ وإن كان هدفهم مصلحة الطلاب، لماذا لا يسهلون لهم الذهاب إلى مناطق الامتحان أو على الأقل يتركونهم وشانهم؟”.
الوحدة الوطنية
الخبير الأكاديمي وعميد كلية الإعلام بجامعة جاردن سيتي د. عاطف سعد، علّق على معرض الطرح وقال إنّ من يظن أنّ الهدف من قيام امتحانات الشهادة السودانية بانتظام هو مجرد حصول طلاب السنة النهائية في المرحلة الثانوية للحصول على درجات لتقسيمهم على الجامعات فهو واهم.
وأضاف بأن قيام الامتحانات في محفل أكاديمي سنوي annual academic forum، يهدف إلى إبراز الامتحانات كوحدة جامعة لجميع الطلاب في البلاد، مثلما الجامعات ليست قاعات ومجرد محاضرات، وإنما هي مناخٌ متكامل لإعداد الطلاب لقيادة المستقبل السياسي والمهني في البلاد، فامتحانات الشهادة السودانية هي مناخ واقعي لتحفيز الطلاب على اكتساب روح المنافسة العادلة spirit of fair competition التي تؤهلهم للأسس الصحيحة لممارسة العمل الديمقراطي السياسي والاجتماعي.
ويشير إلى أنه على ضوء هذه المفاهيم، فإن الدعوة إلي تأجيل أو إلغاء امتحانات الشهادة السودانية نسبة لظروف الحرب الراهنة، إنما هي دعوة لتعطيل روح التعليم في السودان لا تقل خطورةً عن رغبات الجنجويد الآثمة في تحطيم الدولة بتدمير مؤسساتها وتعطيل دولاب العمل فيها.
واعتبر د. عاطف أن قيام امتحانات الشهادة السودانية أحد ممسكات الوحدة السودانية وليس أحد عوامل تقسيمها، وهو أحد أهم الرسائل إلى العالم بأن السودان حيٌ يتنفس وهو بطبيعة الحال شيء لا يحبذه المتمردون، مضافًا إليهم متعطلو التفكير الاستراتيجي في هذه المرحلة الدقيقة من عمر البلاد.
وأكمل: لذا فليكن الهتاف عاليًا وواضحًا (لا لتأجيل أو تعطيل امتحانات الشهادة السودانية).
تحدٍ كبير
واعتبر مدير الإعلام بالإنابة بوزارة التربية والتعليم عبد الرحمن النجومي أن انعقاد الامتحان تحدٍ كبير في ظل هذه الظروف وجزءٌ لا يتجزأ من معركة الكرامة، لأنها أحد ممسكات الوحدة الوطنية، لافتًا لمعاناة الدفعة الممتحنة كثيرًا بدءًا من إضرابات المعلمين التي قادتها لجنة المعلمين، فتأخر العام الدراسي وكان من المقرر لهم الجلوس للامتحان في شهر أبريل من العام 2023 ولكن اندلعت الحرب.
ويقول القيادي الاتحادي الديمقراطي خالد الفحل إنّ هذه الفترة تشهد كثافة التدوين على المدنيين العزل عبر المدافع والمسيرات لأن الهدف الأساسي هو إفشال امتحانات الشهادة الثانوية العامة في محاولة بائسة من الميليشيات لإضعاف قدرة مؤسسات الدولة على قيام امتحانات الشهادة في وقتها المحدد.
وأضاف الفحل أن الحكومة قد وضعت كل الترتيبات ما عدا بعض المناطق، مؤكدًا أن مؤسسات الدولة قادرة على تسيير أمور البلاد بالرغم من الحرب المشتعلة، وهذا سوف ينعكس خارجيًا بالإيجاب.
كما أنّ الشعب السوداني والعالم أجمع يعرف مدى أهمية الشهادة السودانية باعتبارها مسألة أمن قومي.
ويشير محدّثي إلى أن قيام الامتحانات ونجاحها يعتبر أكبر فشل للجنجويد وأكبر مكسب للحكومة ويكرس من شرعيتها، ولذلك رفضت تشاد الموافقة على جلوس الطلاب في (أبشي)، وتريد أن تحرم ١3 ألف طالب، وهذا في إطار المؤامرة على السودان.
وقال خالد إنّ ما يؤرق الميليشيات الآن هو نجاح الحكومة في تغيير العملة، مما يعنى أنّ كل الكتلة النقدية التي تم سرقتها من مؤسسات الدولة والمواطنين أصبحت غير مبرأةً للذمة، وهذا سبب انهيار الميليشيات، حيث إنّ لجنة تغيير العملة وضعت كل الإجراءات القانونية المصاحبة لعملية استبدال العملة وخضوعها للفحص وعبر أجهزة كشف العملة المزيفة ومراجعة الأرصدة الكبيرة.