الشارقة- نهلة مجذوب
أكّد الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشارقة، أنّ “المعجم التاريخيّ للّغة العربيّة” هو مشروع العصر الحديث، وأكبر مشروع أنجزته الأمة العربية، واستعرض الدكتور معتز المحتسب، الخبير اللغوي والباحث في المعجم التاريخيّ للّغة العربيّة، منهج المعجم في تتبّع معاني الألفاظ تاريخيًّا واستدراكه على المعاجم السابقة ما فاتها من ألفاظ لم ترصدها.
جاء ذلك في ندوة علميّة بعنوان “المعجم التّاريخي”، أدارها الدكتور بهاء الدين دنديس، خبير دراسات وبحوث في مجمع اللّغة العربيّة بالشارقة، ضمن فعاليات الدورة الـ43 من “معرض الشارقة الدوليّ للكتاب”.
وأشار المستغانمي إلى أنّ فكرة المعجم بدأت عام 1932م عندما أنشأ الملك فؤاد الأول في مصر مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة، الذي استضاف العالم اللّغوي الألماني أوغست فيشر، المستعرب المحبّ للّغة العربيّة، الذي خرج بفكرة إنشاء المعجم التّاريخي للّغة العربيّة، وبدأ بجمع 150 ديوانًا من دواوين الشّعر العربيّ، بإرادة جبّارة، لكن جهوده تبعثرت وتوقّف المشروع بسبب الحرب العالميّة الثانية.
وقال الدكتور المستغانمي: “أنشأت “الجامعة العربيّة” اتّحاد المجامع اللّغويّة في القاهرة كمظلّة ثقافيّة لغويّة حاولت العمل على المعجم، وحاول كبار الشّخصيّات الثّقافيّة إكماله، لكنّ الله قضى وقدّر أن يقيّض هذا العمل لصاحب السّموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رجل الثقافة في العصر الحديث، الذي استطاع أن يجمع شتات العرب وجمع شمل المجامع اللغوية على كلمة سواء”.
وشدد الأمين العامّ على أنّ المعجم التاريخيّ جمع اللّغة العربيّة وكتب ذاكرتها وسيرتها من خلال العودة إلى النّصوص والسياقات التاريخيّة لدراسة الكلمة، وفق منهج دقيق يؤرّخ للجذر ويرتّب كلّ الأسماء والأفعال المشتقة من هذا الجذر ويرصد الأوزان والمصادر في 14 طريقة لاستنباط الفعل.
من جانبه أشار الدكتور معتز المحتسب إلى أنّ اللّغة العربيّة يطرأ عليها تغيّر في المعنى واشتقاقات لم تكن مستعملة وهو ما يسمى بالتّطور اللّغويّ، الذي لم تتطرّق إليه المعاجم، لكنّ المعجم التاريخيّ يتتبّع ألفاظ اللّغة تاريخيًّا ومتى ظهر استعمال اللّفظ، ومتى طرأ عليه التغيّر في الاستعمال، وما ظهر فيه من معان لم تكن مستخدمة من قبل، ومتى ظهر أول استعمال جديد وهل استمرّ أم توقّف؟.
وأضاف المحتسب أنّ فهم النّصّ يتطلّب فهم الكلمة بالمعنى الذي استُعمل فيه هذا اللّفظ في العصر الذي كُتب فيه، وأنّ عدم وجود الشّاهد في عصر معيّن لا يعني القطع بأنّ هذه الكلمة لم تستعمل في هذا العصر، مشيرًا إلى أهمّيّة استقراء المداخل في المعاجم، وجمع مادة الجذر والبحث لها عن شواهد، حيث تظهر بعض المعاني التي لم ترصدها المعاجم السابقة، وهكذا استدرك المعجم التاريخيّ للّغة العربيّة على المعاجم السابقة ما فاتها من ألفاظ لم ترصدها.