[ads3]

د عبد الباقي الشيخ الفادني يكتب : جلسة مجلس الأمن أهداف في مرمى بريطانيا

* في جلسة مجلس الأمن التي إنعقدت يوم الثلاثاء الموافق الثاني عشر من شهر نوفمبر 2024م والتي جاءت بطلب من بريطانيا برزت توترات ملحوظة بين القوى الكبرى عبر ما جاء في خطابات مندوبيها تعكس تعقيدات الصراع في السودان.
* قدم السفير الحارث إدريس مندوب السودان خطاباً شديد اللهجة مُلقياً باللوم على مليشيا الدعم السريع وقدم حيثيات بإرتكابها لجرائم واسعة ، منها إحتلال المنشاءات المدنية ، وتجنيد الأطفال ، وجلب مرتزقة أجانب لدعمهم في النزاع ، وتسبب ذلك في تهديد أمن المنطقة برمتها.
* كما شدد السفير الحارث إدريس على أن الجيش السوداني يتبع معايير القانون الدولي الإنساني ، مشيراً إلى جهود حماية المدنيين رغم الإنتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع.
* جاء حديث السفير الحارث إدريس متوافق مع خطاب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في القمة العربية الإسلامية بالرياض، حيث ركز على ضرورة إنهاء الصراع عبر الحوار مع وقف التدخلات الخارجية ، الأمر الذي قد يكون له دور في تشجيع الجهود الدولية لإنهاء النزاع المستمر .
* من ناحية أخرى ، جاء حديث المندوبة الروسية متسقاً مع موقف السودان من المشروع البريطاني فروسيا تتخذ موقفاً حذراً وتفضل عدم إتخاذ موقف صارم قد يؤدي إلى المزيد من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للسودان، ما يعكس نهجاً يتماشى مع رؤيتها التقليدية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
* في حين ضغطت الولايات المتحدة والتي دعت إلى إتخاذ إجراءات عاجلة لوقف النزاع المستمر، محذرة من أن الحل لن يتحقق عبر التصعيد العسكري بل عبر التفاوض حيث شددت السفير الأميركي ليندا غرينفيلد على ضرورة إستخدام جميع الأدوات المتاحة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين، مقترحة على مجلس الأمن السماح بمرور المساعدات عبر حدود السودان كما هو معمول به في سوريا. .
* تأتي هذه المواقف في سياق سياسي دولي حساس ، حيث يسعى كل طرف إلى فرض رؤيته حول مستقبل السودان حسب أجندته ومصالحه ، وزاد ذلك من حدة الخلافات داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وينذر من تصاعد وتيرة الحرب وإنعكاساتها السلبية على المدنيين .
* قد تؤدي هذه التوترات إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية من قبل الدول الفاعلة والمؤثرة في مجلس الأمن لحث الأطراف السودانية على العودة للحوار وإنهاء الأزمة .
* إن التحديات التي تواجه المدنيين تظل كبيرة في ظل إستمرار الإنتهاكات التي تمارسها مليشيا الدعم السريع في دارفور و الجزيرة و الخرطوم .
* رفض روسيا والسودان دعم موقف بريطانيا في جلسة مجلس الأمن يؤثر سلباً على قدرة بريطانيا في تحقيق إجماع دولي حول الأزمة السودانية حيث كانت تأمل بريطانيا في تمرير قرار يضغط على الأطراف المتحاربة للإلتزام بوقف إطلاق النار ، لكن إمتناع روسيا يعكس إنقساماً داخل المجلس ، وسيضعف فاعلية أي قرارات قد تتخذ تجاه السودان .
* رغم محاولات بريطانيا وأمريكا فقد جاءت مخرجات جلسة مجلس الأمن مركزةً على التدهور الإنساني والتصعيد العسكري، وبرزت عدة نقاط رئيسية منها:
1. جدد المجلس دعوته لوقف إطلاق النار الفوري، خاصة في مدينة الفاشر، لحماية المدنيين ومنع تدهور الأوضاع الأمنية. تم التأكيد على أن أي حل دائم يتطلب إنهاء العنف كخطوة أولى.
2. عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها من الإنتهاكات المتزايدة بحق المدنيين ، وأشارت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب صعوبة وصول المساعدات وإنعدام الأمن في مناطق الصراع. تم تحذير الأطراف من عواقب تصاعد العنف العرقي وخطر الإنهيار الشامل للدولة إذا إستمرت الحرب.
3. أشار المبعوث الأممي رمضان العمامرة إلى إستمرار محاولات الوساطة مع الأطراف المتنازعة ، رغم صعوبة تحقيق تقدم ملموس. ويُؤمل أن تثمر جهوده في تعزيز حوار مستدام في المستقبل القريب.
* جاءت الجلسة مخيبة للأمال بالنسبة لبريطانيا رغم محاولتها لتسليط الضوء على أهمية تدخل المجتمع الدولي تحت ذريعة إنقاذ الوضع الإنساني ، في ظل هذا الإنقسام قد تواجه بريطانيا صعوبة في فرض قرارات صارمة عبر مجلس الأمن، مما يعني أنها قد تضطر للبحث عن تحالفات خارج إطار المجلس لزيادة الضغط على الأطراف المتنازعة، أو لتكثيف الدعم الإنساني عبر قنوات أخرى .
* رغم عدم صدور قرارات جديدة، إلا أن المجلس أبدى عزمه مواصلة الضغط على الأطراف للتفاوض وتجنيب المدنيين مزيداً من المعاناة.
* بناءً على الأحداث الأخيرة في مجلس الأمن والمواقف الدولية المختلفة، تتعدد السيناريوهات المحتملة لمسار الصراع في السودان وأثرها على المدنيين:
1. السيناريو الأول : في حال لم تتوقف الأطراف الداعمة للمليشيا عن دعمها بالسلاح والمواقف الدبلوماسية والسياسية سيستمر الصراع ويتصاعد مما يزيد من معاناة المدنيين مع تفاقم الأوضاع الإنسانية ويرجح من إحتمالية التدخلات الإقليمية والدولية لدعم أحد الطرفين ستعقد الأزمة وإرتداد الصراع إلى تشاد وليبيا المتهمة بإمداد المليشيا المتمردة بالمرتزقة .
2. السيناريو الثاني : لجوء دول أعضاء في مجلس الأمن بتبني قررات تفصي بفرض عقوبات إقتصادية وسياسية على الأطراف التي ترفض الإلتزام بوقف إطلاق النار ، أمريكا وبعض الدول الغربية قد تضغط من أجل هذا الخيار ، بينما تحاول روسيا والصين تخفيف هذه العقوبات تجنباً لتفاقم الأزمة ، هذه العقوبات قد تؤدي إلى تزايد الضغط الإقتصادي على الشعب السوداني وتعقد من الأوضاع الإنسانية.
3. السيناريو الثالث : إطلاق مفاوضات سلام برعاية إقليمية ودولية ، يتطلب هذا السيناريو وقف إمداد المليشيا و الضغط على الدول الداعمة لها بالإضافة إلى إظهار جدية في النوايا للوصول إلى تسوية، ربما يقنع ذلك الحكومة السودانية في الجلوس وإستعدادها لتقديم تنازلات للوصول إلى حل سياسي شامل، وربما قد تلعب السعودية دوراً مهماً في تحقيق وقف إطلاق النار ودفع الأطراف نحو تسوية سياسية وفقاً لما تم التأكيد عليه في قمة الرياض الأخيرة .
* على الحكومة السودانية الإستمرار في الضغط الدبلوماسي عبر بعثاتها في الأمم المتحدة وفي الدول الكبرى بالنتوير المستمر عن إنتهاكات المليشيا المتمردة و دور بعض الدول وضلوعها في تغذية الحرب، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تهديد الأمن و السلم الدوليين .

Exit mobile version