قبل أن تجرف متبقيها السيول والفيضانات.. مدير البرنامج القومى لطوارئ ثرواتنا الحيوانية يقرع نواقيس الخطر
متابعات _ عزة برس
د حسن على عباس مدير البرنامج القومي لطوارئ الثروة الحيوانية وأحد قيادات الوزارة الشابة، فيه ملامح مستقبلنا المفقود ، ومهموم بثرواتنا الحيوانية ومصائرها إبان هذه الحرب . يحمل رؤى وخطط وأفكار طموحة غير أنه الآن منشغل بآثار السيول والفيضانات التى تجتاح البلاد على هذه الآلاء والنعم وأعد ورقة تحصلت عليها لنشرها للناس والحكومة لتشارك لقرع الواقف من الثروات:
مقدمة
تعتبر السيول والفيضانات هي أكثر أشكال الكوارث الطبيعية شيوعاً ، وفي بعض الأحيان تحدُث بانتظام مع زيادة في شدة الضرر، فالحيوانات ليست قادرة على التعامل مع كارثة طبيعية كبيرة مثل الفيضانات ، فهو أمر مفاجئ دائماً ، وفى كثير من الأحيان لا يستطيع حتى الأشخاص القريبون منها بذل أي جهد لإنقاذها وبالتالى فإن القاسم الأكبر في تأثير الفيضان أو السيول على الحيوانات هو نفوقها أو إحداث الإصابات البليغة التى تؤثر علي مدي مقدرة الحيوانات على الإنتاج مستقبلاً .
يمكن إيجاز مايمكن أن تتعرض له الحيوانات فى حالات السيول والفيضانات فيما يلي:
الغرق :
يحدث نتيجة لعدم تحمل الحيوانات لكميات المياه الواردة و عدم مقدرتها على مساعدة وإنقاذ نفسها
الإصابات المباشرة :
وهى التى تظهر نتائجها مباشرة نتيجة لـــ:
سقوط الأشجار أو المباني على الحيوانات بصورة مباشرة.
آثار الصواعق الرعدية.
حمل المياه لتيار كهربائي نتيجة تأثر التوصيلات الكهربية بماء السيول او الفيضانات.
الإصابات الغير مباشرة:
وهى التى تظهر نتائجها بعد فترة زمنية تتحكم فيها عوامل أخري مثل :
قوة الأثر المحدث مثل الإصابات في جزء من الجسم كالأرجل أو الرأس نتيجة إندفاع المياه.
مدي مقدرة الحيوان على تحمل الإصابة.
الفترة الزمنية لوصول مساعدات وإنقاذ للحيوانات وإخراجها من الحالة الحرجة.
ومما ذكر أعلاه يتضح مدي خطورة الفيضانات والسيول وتأثيرها الكبير على الحيوانات بمختلف أنواعها وأحجامها وأماكن وجودها .
ومما يجدر الإشارة إليه هو أن الآثار البيئية التى تترتب على نفوق الحيوان من الخطورة بحيث يمكنها أن تؤثر على كل الوسط المحيط وقد تمتد المخاطر لتشمل مخاطر على صحة الإنسان و البيئة العامة وبالتالى تصبح الكارثة أكبر.
نموذج الولاية الشمالية و ولاية نهر النيل
شهد العالم بصورة عامة والإقليم بصورة خاصة تغيرات مناخية عديدة نتيجة لعدة أسباب وتتطلب هذه التغيرات إلى إستعدادات جمة وتجهيزات لهدف محاولة درء آثار المخاطر التى تنجم عن تلك التغيرات المناخية في البلدان التى تحدث فيها .
أشارت التقارير في فترات سابقة من هذا العام أن فصل الخريف سيكون مختلف تماما من حيث حجم الأمطار وتوزيعها وإتساع رقعتها ، وبالفعل شهدت مناطق عديدة في السودان هطول أمطار بكميات غزيرة وأكبر من كل الفترات السابقة ، الأمر الذى ينذر بمخاطر جمة نتيجة التأثير على الحيوانات بتلك المناطق.
وللاسف لم يتمكن السودان من تنفيذ الخطط الخاصة بالطوارئ لمجابهة هذه التأثيرات نظراً للحرب التى تشهدها البلاد منذ أكثر من عام ونصف العام ولما حملته هذه الحرب من صفات ترتب عليها وجودية الدولة السودانية ، فكان الإهتمام بمقارعة الغزاة الجدد هو الهم الشاغل لكل السودانيين بجانب تلافي الآثار السالبة من نزوح ولجوء وتشريد لملايين من الشعب السودانى .
وفي إطار تخفيف المعاناة على كاهل المواطن وفى الجزئية الخاصة بالثروة الحيوانية لما تلعبه من دور اساسي في الإقتصاد الوطنى ، بجانب دورها الكبير في توفير الأمن الغذائي للمواطنين وتحسين سبل كسب العيش لهم ، كان لابد من الوقوف عند هذه الكارثة الطبيعية ومحاولة إنقاذ مايمكن إنقاذه ، خاصة وأن الظرف العام للبلاد لايحتمل أى إنتكاسة أخري خاصة إذا ما إرتبط الأمر بالأهمية الإقتصادية والأمن الغذائي في وقت أصبح العالم كله يتحدث عن قرب حدوث مجاعة حقيقية بالبلاد رغم التأكيدات والتطمينات الرسمية حول صعوبة الحدوث ولكن تبقي العبرة دائماً بالخواتيم.
لمحة حول الآثار المترتبة على فيضانات الولاية الشمالية و ولاية نهر النيل :
تعتبر الولايتين من الولايات ذات الكثافة الحيوانية الأقل مقارنة بولايات أخري ، حيث يقدر تعداد الثروة الحيوانية تقريباً وفقاً لإحصائيات سابقة حوالى (5,000,000) رأس بولاية نهر النيل و (6,500,000) رأس بالولاية الشمالية وقد تشهد هذه الأرقام زيادة ملحوظة نتيجة لجوء بعض المتضررين من الولايات التى بها حرب إلى نقل حيواناتهم لمناطق جديدة بتلك الولايات بالإضافة لفتح مسار جديد وطرق بديلة لنقل الحيوانات من مناطق الإنتاج فى دارفور وكردفان.
وبالرغم من قلة التعداد الحيواني بهاتين الولايتين ، إلا أن الأثر الذى تقوم به هذه الحيوانات في الأعمال المختلفة والمتمثلة في النقل والترحيل والحرث فى الزراعة التقليدية وحصول السكان من هذه الحيوانات على إحتياجاتهم الغذائية من الألبان ومشتقاتها يجعل الإهتمام بها من الأولويات بالنسبة لهؤلاء السكان ، لهذا تسعي دائماً إدارات الثروة الحيوانية بهذه الولايات بالقيام بأدوارها المنتظرة في العناية والإهتمام بصحة هذا القطيع المهم عبر التطعيم الدورى من الأمراض الوبائية بجانب طرق المحافظة الأخري.
الآثار البيئية المتوقعة نتيجة الفيضانات والسيول
غرق الحيوانات ونفوقها فى أماكن حدوث الفيضانات والسيول ، وهذا يساهم في الارتفاع السريع لنسبة التلوث نتيجة تراكم الجثث في المياه.
التغيير البيئى الذى يحدث فى مأوى الحيوانات نتيجة تأثر المساكن الصناعية أو الطبيعية بالهدم أو الإتلاف الجزئي مما يؤدى إلى تفرق وتشتت الحيوانات وإبتعادها عن أماكنها الطبيعية و يجعلها عرضة لعومل إختطار أخري كالإصابة بالأمراض.
تآكل التربة وترسبها وظهور عوامل التعرية قد تتسبب فى انهيار ضفاف التجمعات المائية (أنهار– وديان …)، إضافة إلى أن مياه الفيضانات ستحمل هذه التربة المتآكلة والرواسب فيها، وهذا يقلل من جودتها بالنسبة للحيوانات المائية الأمر الذي يؤدي للقضاء عليها عن طريق خفض مستوى الأوكسجين فيها ، هذا بجانب أن سرعة إندفاع مياه الفيضان قد يدفع بها لبيئة جديدة غير ملائمة لها بجانب وجود إحتمالية خروجها من الماء تماماً
إحتواء مياه الفيضانات على كم هائل من الملوثات التي تحتوي على أحياناً على متبقيات المبيدات والمخلفات والسموم والصرف الصحي، مما يكون له تأثير كبير في المياه مستقبلاً.
تساهم الفيضانات مساهمةً كبيرةً في زيادة الأمراض المرتبطة بالطقس خاصة ذات الأرتباط بتواجد النواقل الميكانيكية لمسببات الأمراض الوبائية ، وتاريخياً إرتبطت بعض المناطق فى الولايتين ببعض الأمراض الخطيرة كالحميات النزفية رغم قلتها لكن مع التغير المناخي الحادث يمكن أن تصبح بؤرة جديدة خاصة وأن الفيروسات المسببة قد تبقي لسنوات تحت التربة.
تلوث المراعي ومصادر المياه نتيجة لجرف الفيضانات والسيول مخلفات ضارة مما يكون له آثار سمية مستقبلاً للحيوانات خاصة وأن جزء كبير من المناطق التى إجتاحتها السيول والفيضانات هي مناطق تعدين توجد بها كميات كبيرة من المواد الكيميائية التى تمتد آثارها الضارة من الحيوان للإنسان خاصة مركب السيانيد ذو الأثر السمي القاتل على الجهاز العصبي والجهاز القلبي الوعائي عبر إيقاف عمل الإنزيمات المنتجة للطاقة وبالتالى موت الخلايا بجانب تقليل نسب الأكسجين وكلها تؤدي الى النفوق السريع للحيوانات نتيجة تناول أغذية ملوثة أو شرب مياه ملوثة.
المطلوبات اللازم القيام بها حالياً :
إجراء مسح عاجل وسريع لتحديد حجم الضرر الذى اصاب القطيع فى الولايتين .
إنفاذ برامج لإصحاح البيئة فى المناطق المتأثرة بهدف تقليل التأثير الضار بسبب تراكم جيف الحيوانات النافقة والعمل على التخلص منها بالصورة السليمة.
إنفاذ برامج للرش الحشري بهدف منع تكاثر وتوالد الحشرات المسببة للأمراض خاصة الأمراض المتناقلة بين الإنسان والحيوان.
التنسيق في تنفيذ البرامج مع الجهات المختصة (وزارة الصحة – المجلس الأعلي للبيئة – إدارات الثروة الحيوانية بالولايتين …. الخ).
العمل على تقديم التوعية اللازمة والإرشاد البيطري حول كيفية التعامل مع هذه الكوارث حال حدوثها.
اللهم أحفظ العباد والبلاد والأنعام من كل سوء ومكروه
اللهم أجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمي
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين*