الأخبار

حميدتي يحذّر من تدخل دولي لإيقاف الحرب في السودان

وكالات – عزه برس

كمبالا – كشف عضو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” بكري الجاك إن قائد قوات الدعم السريع أبلغهم في أديس أبابا بأن الحرب لن تتوقف دون تدخل دولي، في ظل إصرار الجيش على مواصلة القتال رغم الهزائم المتتالية التي تكبدها آخرها ولاية الجزيرة.

والثلاثاء، وقعت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية في السودان (تقدم) بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، وقائد الدعم السريع الفريق الأول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على إعلان سياسي مشترك يتضمن تفاهمات بينها تشكيل “لجنة مشتركة لإنهاء الحرب”.

وجاءت هذه الخطوة في ختام اجتماعات بين الجانبين استمرت يومين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ضمن جهود لإنهاء حرب متواصلة بين الجيش و”الدعم السريع” خلّفت أكثر من 12 ألف قتيل وما يزيد عن 6 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

وتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، تضم أحزابا ومنظمات مدنية، تكونت بعد اندلاع الحرب لتوحيد المدنيين بهدف إنهائها.

وقال بكري الجاك في ندوة عقدتها التنسيقية في العاصمة الأوغندية كمبالا الأحد إن قائد قوات الدعم السريع أبلغهم بأن “الحرب في السودان لن تتوقف ما لم يحدث تدخل دولي، لأن الجيش لا يرغب في التفاوض خشية خروج الأوضاع عن سيطرته”.

كما تحدث حميدتي أيضا خلال الاجتماع مع “تقدم” -وفقا للجاك- عن وجود قوات لا تنتمي إلى الدعم السريع جاءت عن طريق ما يسمى شعبيا بالفزع، لافتا إلى أن ذات القوات يمكنها الدخول في مواجهة مع الدعم السريع نفسه، وأفاد أنها وصلت ولاية الجزيرة دون تنسيق معه.

ووصف الجاك حديث حميدتي بالخطير بما يتطلب إيقاف الحرب اليوم قبل الغد وتخوف من امتداد القتال إلى شرق السودان خاصة أنه لن ينحصر على بورتسودان وستتحول إلى حرب بالوكالة وتشهد تدخلات من الدول حسب مصالحها.

وشهدت ولاية الجزيرة عمليات نهب واسعة في أسواق وبنوك مدينة ود مدني، إضافة إلى كافة المرافق والشركات والمخازن على أيدي عناصر أجهزة الإخوان واستخباراتهم العسكرية التي سارعت إلى تنفيذها قبل دخول قوات الدعم السريع.

وتزامنت عمليات النهب هذه مع حملات اعتقالات للمدنيين ممن ترجع أصولهم لدارفور وكردفان، وجرت أكبر مذبحة بحقهم، وتم قتلهم جميعا على الهوية، وهو ما اسماه قائد ميليشيا البراء الإخوانية بـ(التنظيف)، وحدث كل ذلك وقوات الدعم السريع لا تزال خارج المدينة.

وكانت الدعاية الإخوانية تتحدث عن وقائع قبل حدوثها ما يؤكد أنّهم ينفذون مخططا معدا مسبقا، وهو الفرار من المواجهات العسكرية الميدانية والتركيز على ارتكاب الانتهاكات للزعم بأنها من أفعال قوات الدعم السريع، وهذا ما واصلو فعله اذ راحوا يهاجمون القرى في جنوب وغرب الجزيرة، متسببين في عمليات نهب وسرقات واسعة.

وأدان الجاك هجمات الطيران التابع للجيش في ولاية الجزيرة والذي تسبب في قتل عشرات المدنيين وأردف “نحن لم نتوقف عن إدانة الدعم السريع في الانتهاكات لذلك لن نغض الطرف عن أي انتهاك من جانب الجيش”.

وفي مقابل المرونة التي أبداها حميدتي، لا يزال قائد الجيش السوداني الفريق الأول عبدالفتاح البرهان متمسكا بذات الخطاب التصعيدي الذي يلوّح فيه بخيار الحرب، في وقت يفترض فيه أن يسلك طريق التهدئة لتسهيل المفاوضات المرتقبة في جيبوتي.

وكان البرهان قد رفض التصالح مع قوات الدعم السريع، قائلا في خطاب أمام الجنود بمعهد جبيت العسكري بولاية البحر الأحمر، الجمعة الماضي “لا صلح ولا اتفاق معهم، إما أن ننتهي منهم، وإما ننتهي نحن ..لا بد من أخذ حقنا وحق الناس الذين قتلوا ودفنوهم أحياء وعُذّبوا.

وأعرب البرهان عن أسفه لتأييد بعض السياسيين لحميدتي “بالتطبيل والتصفيق”، بينما تقتل قواته أهلهم وتنتهك أعراضهم، وتنهب ممتلكاتهم، وقال إنه لا يمانع الحوار مع تلك القوى السياسية، شريطة أن يكون داخل السودان.

ورفض البرهان التفاوض مع حميدتي وانسياقه وراء خيار مواصلة الحرب من خلال دعوته إلى تسليح المواطنين لمواجهة تقدم قوات الدعم السريع، رآه البعض يمثل اعترافا ضمنيا بإخفاقه عسكريا، وأنه ينزع من وراء ذلك التنصل من مهمة حماية المواطنين والنأي عن التهم التي لاحقت بعض العناصر العسكرية بارتكاب تجاوزات، وابتعاده يضع العبء على عاتق قوات الدعم السريع وحدها وسط حملة متعمدة يرعاها أنصار النظام السابق لإلصاق كل الخروقات الإنسانية بها وحدها، لأجل تحقيق استنفار محلي والتصدي لقوة مهمة ومؤثرة وتتحكم في مفاصل الأمور، واستعداء المجتمع الدولي ضدها عندما يرى مشاهد دماء تراق بكثافة ويقال إن الدعم السريع ارتكبتها بمفردها.

ووصف القيادي البارز في تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم” خالد عمر يوسف، تصريحات البرهان الرافضة للتصالح مع قوات الدعم السريع، بأنها “دون الطموح”، قائلًا إن البرهان افتقد لاستشعار خطر اللحظة الحالية، وانقاد للثأر الشخصي من تعليقات حميدتي اللاذعة، عوضا عن النظر لحال البلاد وما آلت إليه.

وحذر عمر يوسف وهو قيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي على منصة “إكس” من خطر انزلاق السودان ليكون ساحة حرب إقليمية ودولية، موضحًا أن “الطرفين المتقاتلين يحظيان بدعم وسند إقليمي ذو مصالح متضاربة”.

وأضاف “مع ازدياد حالة الاستقطاب في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، صار أمر حدوث صدام مسلح إقليمي على أرض السودان مسألة وقت ليس إلا، حينها لن تكون كلمة السودانيين هي الأعلى في تحديد مستقبل بلادهم”.

وتابع “لا مخرج من هذه الكارثة سوى الحلول السلمية التفاوضية، هذا هو خيارنا قبل الحرب وحين اندلاعها والآن وغداً، وهو الخيار العقلاني الصحيح الذي لن نفرط فيه”.

وتأتي هذه التطورات، قبيل لقاء مرتقب خلال الفترة المقبلة في جيبوتي بين حميدتي والبرهان، هو الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب، وقد يمهد لاتفاق على دمج الجيش و”الدعم السريع”، وإمكانية حل الأزمة، إذا قدم الطرفان تنازلات دون شروط مسبقة، وفق مراقبين.

وكانت مفاوضات سابقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جدة أسفرت في مايو الماضي، عن أول اتفاق بينهما حمل اسم “إعلان جدة”، وشمل التزامات إنسانية وعدة شروط، منها “الالتزام بالإجلاء والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كل المرافق الخاصة والعامة كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *