وكالات / عزة برس
أعلنت الصين الجمعة وقف التعاون مع الولايات المتحدة في مجموعة من القضايا الأساسية بما في ذلك تغيّر المناخ ومكافحة المخدرات والمحادثات العسكرية، في ظل تدهور العلاقات بين القوتين بسبب تايوان.
ورأى البيت الأبيض أن تعليق بكين للحوار حول التغير المناخي قرار “غير مسؤول”.
وردّت بكين بغضب على زيارة قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها وتتعهد استعادتها وإن كان بالقوة.
ونظّمت الصين أوسع مناورات عسكرية بالقرب من تايوان، حاشدة لها طائرات وسفنا حربية تواصلت الجمعة لليوم الثاني على التوالي. ونددّت تايبيه بهذه المناورات التي تقوم بها “جارة تضمر لها الشرّ”.
وحاصرت بكين الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي ديمقراطي منذ الخميس عبر إجراء سلسلة مناورات عسكرية ضخمة قوبلت بتنديد واسع من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
والجمعة، ذهبت وزارة الخارجية أبعد من ذلك فعلّقت المحادثات والتعاون المرتبط بعدد من الاتفاقيات بين البلدين بشأن ملفّات من بينها مكافحة التغير المناخي، ولامت بيلوسي على تعاملها بـ “ازدراء” مع موقف الصين المعارض لزيارتها تايوان.
وقد تعهّد أكبر بلدين مسببين للتلوث في العالم العام الماضي العمل معا لتسريع التحرّك من أجل المناخ خلال العقد الحالي، وأكدا بأنهما سيعقدان اجتماعات دورية “للتعامل مع أزمة المناخ”.
لكن يبدو هذا الاتفاق في وضع هش حاليا مع تدهور العلاقات بشكل كبير، كما هو الحال بالنسبة للاتفاقيات المرتبطة بمسائل عدة تبدأ بالمحادثات في الشؤون العسكرية ولا تنتهي عند التعاون لمكافحة المخدرات.
وأكّدت الخارجية الصينية أيضا تعليق التعاون القائم في مجال إعادة المهاجرين غير النظاميين والجرائم العابرة للحدود والشؤون القضائية.
وبالنسبة إلى الصين القارية التي تعتبر تايوان جزءا من أراضيها، شكّلت زيارة بيلوسي التي تتبوّأ ثالث أعلى منصب في الدولة الأمريكية، استفزازا كبيرا.
وقالت الخارجية الصينية إن بيلوسي “تدّخلت تدّخلا فاضحا في الشؤون الداخلية الصينية، منتهكة سيادة الصين ووحدة أراضيها”، مع الإعلان عن “عقوبات” في حقّها من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
أما بيلوسي، فدافعت عن موقفها مشيرة إلى أن واشنطن “لن تسمح” للصين بعزل تايوان.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن “من المستحيل” حلّ “المشاكل الأكثر إلحاحا” على غرار الاحترار المناخي العالمي من دون حوار “فاعل” بين الصين والولايات المتحدة، وفق ما صرّح الجمعة متحدث باسمه.
واستدعى البيت الأبيض السفير الصيني في واشنطن احتجاجا على السلوك “غير المسؤول” للصين إزاء تايوان.
وصرّح الناطق باسمه جون كيربي المعني بشؤون الأمن القومي “نشجب العمليات التي تنفذها الصين والتي هي غير مسؤولة ومخالفة لهدفنا القاضي بالحفاظ على السلم والاستقرار في مضيق تايوان”.
وردّا على هذا الإجراء، قال وزير الخارجية الصيني إنه “من عادة الولايات المتحدة أن تحدث مشاكل ثم تسخّر هذه المشاكل لبلوغ مآربها”.
وأكّد أن “هذه الوسيلة لا تؤتي أكلها مع الصين”.
ومن المتوّقع أن تتواصل المناورات العسكرية حتّى ظهر الأحد.
تجاوز الخطّ الأوسط
قالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان “منذ الساعة الحادية عشرة، أجرت مجموعات عدة من طائرات حربية وسفن حربية صينية تدريبات حول مضيق تايوان وعبرت الخط الأوسط للمضيق”.
وأوضحت في بيان لاحق بأن 68 طائرة صينية مقاتلة و13 سفينة حربية عبرت “الخط الأوسط” الواقع على طول مضيق تايوان خلال مناورات الجمعة.
وقالت الوزارة “ندين الجيش الشيوعي لعبوره المتعمّد الخط الأوسط للمضيق وقيامه بمضايقات في البحر والجو في محيط تايوان”.
وذكرت شبكة “سي سي تي في” الرسمية أن الصواريخ الصينية حلّقت مباشرة فوق تايوان. ولم تؤكّد تايبيه هذا الخبر.
وقال رئيس الوزراء التايواني سو تسينغ-تشانغ للصحافيين “لم نتوقع أن يستعرض الجار الخبيث قوّته على عتبتنا وبأن يعرّض إلى الخطر بشكل تعسفي الممرات المائية الأكثر انشغالا في العالم عبر تدريباته العسكرية”.
وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس في جزيرة بينغتان الصينية غير البعيدة من موقع المناورات مقاتلة تحلّق فوق المكان حيث التقط سياح صورا لها بينما حلّقت فوق الساحل.
كذلك، شوهدت سفينة عسكرية صينية تبحر عبر مضيق تايوان.
وفي بينغتان، تباهى سياح من الداخل بقوة بلدهم العسكرية بمواجهة جارتها الأصغر بكثير.
“وطننا الأم قوي”
وقال سائح يبلغ من العمر 40 عاما ويدعى ليو قدم من مقاطعة جيجيانغ لوكالة فرانس برس “وطننا الأم قوي. لا نخشى من دخول حرب مع تايوان أو الولايات المتحدة أو أي بلد في العالم”.
وتابع “نأمل بتوحيد تايوان (مع الصين) قريبا. لا نخشى من أحد”.
وأكد “بلدنا قوي. لا نرغب ببدء حرب، لكننا لا نخشى الآخرين”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعد محادثات مع وزراء خارجية من دول جنوب شرق آسيا في بنمو بنه عن المناورات العسكرية الصينية في محيط تايوان “تمثّل هذه الأعمال الاستفزازية تصعيدا كبيرا”.
وأضاف “الحقيقة هي أن زيارة رئيسة مجلس النواب كانت سلمية. لا يوجد مبرر لهذا الرد العسكري المتشدد والمبالغ فيه والتصعيدي”.
وتقدّمت اليابان باحتجاج دبلوماسي رسمي ضد بكين إذ يُعتقد أن خمسة من الصواريخ سقطت في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة إليها.
ودانت أستراليا التي تربطها علاقات متوترة مع الصين أكبر شريك تجاري لها، المناورات على اعتبار أنها “مبالغ فيها ومزعزعة للاستقرار”.
تجري المناورات في منطقة تعد من أكثر طرق الشحن نشاطا في العالم، وتستخدم في توريد أشباه الموصلات والمعدات الإلكترونية المنتجة في مصانع في شرق آسيا.
ويجمع محللون على القول إن الصين، بالرغم من قيامها بهذه المناورات العسكرية، لا تسعى إلى مواجهة مسلّحة.
وقال تيتوس تشن الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية في جامعة سون يات-سن الوطنية في تايوان إن “آخر ما يريده شي هو اندلاع حرب عرضية