الأخبار

لقاء السحاب أبو داؤد وعمر البنا لكما الرحمة بقلم ؛ داؤد عبد العزيز محمد داؤد

بعد بسم الله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أسبوع مضى على الذكرى الواحد والأربعين للحاضر الغائب أبو داؤد عليه الرحمة وموتاكم وكافة موتي أمة محمد صل الله عليه وسلم.
وكما عهدنا كتبت أقلام كثيرة جليلة في ذكراه العطرة الباقية ما بقينا، كتب محبو وعاشقو طرب الاستمحان المحال تكراره عن طرائفه ونكاته وقفشاته وبديهته الحاضرة وشجن تطريبه الذي لا يضاهي، وجمال روحه التي فقدناها مبكراً في الثانية والستين ربيعا وهو أمر الله وهي سنة الأولين والآخرين في هذه الفانية.
لك الرحمة والمغفرة أبي داؤد.

وددت في هذه السانحة أن استعير بعضاً من درر الرقم الأستاذ جمال حسن سعيد متعه الله بصحة وعافية، استعير الضلفتين من باب ا. جمال حسن سعيد..
ضلفة للحاضر الغائب عمر البنا وضلفة أخرى للحاضر الغائب أبو داؤد، تفضلوا معي “نخش هؤلاء العمالقة ونمرقهم” ا. (ج ح س.)

غنى أبو داؤد لكثير من شعراء الحقيبة ومنهم للذكر وليس للحصر عتيق، سيد عبد العزيز، حدباي، المساح، ود الريح، عمر البنا، عبيد عبد الرحمن، أبو صلاح/ صالح عبد السيد، الخليل، كرومة، سرور، العبادي، ود الرضي والتني وهم كثر لهم جل الرحمة والمغفرة .
أغاني الحقيبة كانت الحب الذي بخلت به مفردات الشعر الحديث والفصحى ووجده أبو داؤد في درر الحقيبة وعشقه عشقا يضاهي عشقنا لروحه الطيبة الطاهرة لهم الرحمة جميعا.
كانت الحقيبة لأبي داؤد الأماكن والمتنفس والزمن والزمان والزهر والبستان والعشق للولهان ولم الشمل (بضم اللام وتشديد الميم بعد السكون) .
نعم والله كانت الحقيبة لأبي داود إشراقاً واشراقات مشرقة للشجن وفرحاً للروح وإلهام الإبداع المستباح في زمن لا يوجد فيه (( البندول ولا غرزة ولا جلكوز وجبلية ولا صحراوية ولا دولية)) والآن أصبنا في مقتل، سقوط الكلمة واللحن والأداء وسقطت الأخلاق قبلهم كلهم.. وإيما سقوط هو !!
نعم والله أحبة الشجن المقيم أصبنا بفايروس أنكر الأصوات وكان أقوى من فايروس الكورونا وظهر المروجون لتلك الأصوات النشاز ويطلق عليهم للأسف إعلاميين زمن مهازل الكوابيس والنواميس والناموسيات.
رحم الله متوكل كمال، حمدي بدر الدين، عمر عثمان، ليلى المغربي، ماما عشة، صفية الأمين، محمد خوجلي صالحين، ذو نون بشرى ومحمد سليمان (جراب الحاوي) و.. و.. تلك الكوكبة التي فاقت السحاب علوا وسموا في الإعلام لما كان إعلاماً.
نرجع للحقيبة ونترك الألم المقيم. كانت الحقيبة لأبي داؤد ولرفيق دربه وتوأم روحه لهم الرحمة جميعا (علي المك وبرعي محمد دفع الله) ورفاقهم في ذاك الزمان الوردي العسجدي الأرجوان الأقحوان، كانت سكوناً للروح وسمواً لشجن روائع الكلم ومغازلة المعاناة في شعر هجر الحبيب المستطاب المستحال المستحيل .. وشوق نظرة للسمحة ام عجن وشفناه شفناهو رغم أنه حاول يخفي نفسه ورشقتني عيونه… وجوهر صدر محافل واحتفال وكم أسلم كافر بقنابل الافتتان روعة وبلاغة في الوصف.
الحقيبة كانت لهؤلاء جميعا بلسماً لجراح لحن الألم وكفكفة لدموع شجن النغم ودواء لكل داء وسقم وفرح، ينهلون منه ليسقوننا شربة هنيئة مرئية لا نظمأ ونصدع ونتألم بعدها أبداً، رغم ( البندول وغرزة والجلكوز والجبلية وباقات والدولية والإنقاذ زبيدة).
رحل الكبار وهيمن الصغار وقتلونا للمرة آلاف سريريا.
والله رغم البعد لم يغيبكم الموت أولاد البنا / أبو داؤد/ المساح العبادي / أبو صلاح/ سيد عبد العزيز / الخليل/ كرومة /سرور وجل من رحل منكم .. ومن طيب شذاكم فاح وتمايل النسام.
تغنى أبو داؤد لكثير من شعراء الحقيبة ولكن عشقه الأكبر كان لود البنا ومن درر ود البنا التي صدح بها أبو داؤد رائعته نعيم الدنيا:
كيف الحياة غير ليمك
في بعدك أصبح حظي زي لون هضليمك
يا نعيم الدنيا
يا حليف الخدري ..
التايه في نعيمك
ما دام هاجرني ..
أرسل لي نسيمك
وأنعش لي روحي ..
بندي جسيمك
أو طيب المسك..
الفايح من تبسيمك
يتمنى التبري يلمع كأديمك
مشتاقة الشمس ..
تظفر بي ليمك.
يصنف شاعرنا الراحل المقيم عمر البنا من شعراء صفوة الأجيال الثلاثة الذين نهلوا من جيل عمالقة الحقيبة الأوائل ثم الجيل الثاني، ثم جيل الشعر الحديث والحقيبة، وأقصد من ذلك بعض درر البنا جمعت إحساساً مابين الشعر الحديث والحقيبة على حدٍ سواء كما في رائعته نعيم الدنيا.
ود البنا وأبو داؤد لهما الرحمة عطرا سماء الكلمة بنهايات حدود الشجن في الوصف والتطريب والمعاناة في البعد والشوق لامدرمان
فنطرب سمعا _ لامتى أرجع لامدر وأعودا

امتى أرجع لى أم در وأعودا
أشوف نعيم دنيتي وسعودا
امتى تلمع بروق رعودا
حظوظي تنجز لي وعودا
روحي ضاعت في النار قعودا
لي هون يا ربي عودا
أشوف حبيبتي وانظر خدودا
عساها ترحم تكون ودودة
هل كان أبو داؤد وود البنا يعلمان بما سيحمله الزمان لامدرمان في 2023؟!!!
( ووالله ضاعت أرواحنا وفي النار قعودنا .. نازحين ومهجرين ومبهدلين ومبشتنين ) رحماك يا الله يا الله يا الله.
ونترك امدر إلى نعيم دنيا زائلة المتاع ويتألق ود البنا كعادة آل البنا جميعهم حفظهم المولى بحفظه الكريم.
يسطر ود البنا أحرف وكلم والله ما أجمله من وصف وما أرفعه من نعيم دنيا اسأل الله لكم نعيماً في دار البقاء ورفقة الصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا آمين يارب العالمين.
ويكتب ود البنا في ألم الفراق والملل واليأس وضرام نار فرقة المحبوب
فيصدح أبو داؤد بصحبة (الكبريتة) بالأهيف…

الأهيف
أبى ما يلين من بعده
صار قلبي ضريم
بى نار الفرقة
لمتين يا كريم الحظ يخدمني وحبيبي يلين من نار الفرقة
أراه الناعس
در فاطرو كريم
يألفني ويترك لطباع الريم
هو جسمه سليم
وانا جسمي معذب
وقليبي ضريم بي نار الفرقة
نور محيو الفجر
والليل هضليم
له راحة الدنيا وليا التأليم
قبل الحاظك
ما رأيت يا وسيم
دي الأعين تفعل
فعل المكسيم
يالها من حقيبة فسيفساء ((تخشك وتمرقك)) ا.”ج ح س”
وتقعدوا ناصية
والنسيم عليل
جمال… الله الله
كلمات ود البنا مصطفاة من رحيق تعب فرح جروح دموع شوق وهجران وبعد الحبيب رغم قربه فلا نراه ولكننا نراه ونكتب ونفرح ونبكي ونتباكى ونسهر ونحن ونحب ونشتاق ونطرب ونسموا طربا بكم أيها الغياب الحضور .
في جنان رضوان أصلك
لذا كل ربيعْ فصلك
إتنفس فوح ..
تتنفس ناس
ورياض وبحار
ويالها من حقيبة تشع ككهرمان دهب الشمال ..
ويالكم من شوامخ
صروح لفرح الاننسان
فرشتم لنا الأرض زهورا ونورا وفرحا وغبطة وسرورا
ورحلتم وكلنا إلى رحول نسأله حسن الخاتمة ولقاءكم في علا الفردوس آمين يارب العالمين.
أخيرا وليس آخرا وبصحبة (الكبريتة) يترنم أبو داؤد ب(الحب الطاهر) لعمر البنا ولكم قبيلة الحقيبة ولكل عشاق تلك الحقبة من الزمان .. حقبة ذات بهارات سودانية مكتملة مسبكة.

الحب الطاهر
هجد الأنام
وأنا وحدي مساهر
النحول علي جسمي
ياحبايب ظاهر
أسبابي الحب الطاهر
أسباب سقامي
وبكاء طرفي الساهر
لااذاي بعادك
مضى سيفه وشاهر
مرة أندب حظي
ومرة أهتف أظاهر
أشكو دهري وأناجي
النجم الزاهر
أنت عادل وظالم أنت ناهي وآمر
يتمنى البدر .. ليك يبقى مسامر
امتيازك عنه أنت هادل وضامر
على صدرك قنبل كم أسلم كافر
العيون والضمرة والوريد الوافر
من محاسنك عارن الغزال النافر

أولاد البنا وأبو داؤد وكل من رحل من عمالقة هذه الأرض المكلومة .. شموخ الشعر والثقافة والإعلام والفنون والآداب والقصة والدراما، لكم الرحمة ولكم طهر الحب وأنتم في معية سمو وعلا.. من نحب .. الله ورسوله.
التقيكم إذا في العمر بقية ..
الرحمة لشهداء الوطن
والعزة والشموخ للسودان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *